صفحة 4 من 15 الأولىالأولى 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 31 إلى 40 من 147

الموضوع: نور على نور ,,,

  1. #31
    مراقب المضايف الاسلامية الصورة الرمزية ابو ضاري


    تاريخ التسجيل
    03 2007
    الدولة
    الجبي
    العمر
    45
    المشاركات
    15,733
    المشاركات
    15,733
    Blog Entries
    1


    الجلد يتكلم ... سبحان الله
    إنها آيات عظيمة تشهد على عظمة كلام الله سبحانه وتعالى، فهو القائل عن نفسه: (وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا) [النساء: 122]. وفي كل يوم تكشف الأبحاث العلمية لنا حقائق جديدة لم يكن لأحد علم بها وبعد أن نتأمل هذه الحقائق جيداً نرى في كتاب الله تعالى إشارات واضحة لها، وهذا يدل على أن القرآن كتاب الله عز وجل.
    ومن الآيات التي تستحق الوقوف أمامها طويلاً وتدبرها جيداً ذلك المشهد الذي صوره لنا القرآن من مشاهد يوم القيامة، عندما يُعرض أولئك المشككون بكلام الله على النار لتشهد عليهم جلودهم بما كانوا يفترون على الله كذباً في الدنيا، يقول تعالى: (وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ (19) حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (20) وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) [فصلت: 19-21].
    وهنا لابد من طرح عدة أسئلة حول هذا النص العظيم: كيف يمكن للسمع والبصر والجلد أن ينطق ويتكلم؟ وكيف يمكن أن ينطق كل شيء؟ ولماذا ذكر الله تعالى هذا النص في كتابه؟ هذا ما سنبحثه بشيء من التدبر والتفكر لنزداد إيماناً عسى أن نكون من الذين قال الله فيهم: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آَيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) [الأنفال: 2].
    معجزة الجلد!
    الجلد هو أكبر عضو من أعضاء الجسم، إنه يعمل كغلاف وقائي يقيك شر المؤثرات المحيطية الضارة مثل الحرارة والبرودة والأوساخ والبكتريا والتلوث... وهو يعزل الجسد عن مختلف أنواع الصدمات والتآكل ويبقي الماء والجراثيم خارج الجسد ويمنعها من الدخول.
    الجلد يفرز الدهون والزيوت ليبقى في حالة مرنة وناعمة ويقاوم الجفاف، ويحوي الغدد الخاصة بإفراز العرق فتكون هذه الغدد بمثابة أداة لتصريف السموم والمواد الكيميائية غير الضرورية إلى خارج الجسم.
    الجلد يتألف من طبقات رقيقة تحوي الأنسجة والأوعية الدموية والخلايا العصبية والشعر والمستقبلات الحسيَّة...
    والجلد في حالة حركة دائمة، فالخلايا تنمو وتتحرك من الطبقات الداخلية إلى السطح الخارجي ثم تموت وتتبدل، ويبدل الجلد كل دقيقة بحدود 40 ألف خلية جلدية! وخلال شهر تتبدل كل خلايا الجلد، أي أن كل واحد منا يغير جلده كل شهر تقريباً دون أن يشعر!
    إن 95 بالمئة من خلايا الجلد لها مهمة واحدة هي العمل على تجديد الخلايا، و 5 بالمئة تعمل على تلوين الجلد باللون المناسب، أي تعمل على صنع مادة melanin التي تعطي البشرة لونها، وقد وجد الباحثون أن تعريض الجلد للشمس لفترات طويلة يؤدي إلى الإصابة بسرطان الجلد، وتكون النسبة أكبر لدى النساء، ومن هنا ربما ندرك لماذا أمر الله المرأة بالحجاب!
    تبلغ مساحة سطح الجلد الذي يغطي الإنسان بحدود 2 متر مربع، أي بحجم بطانية أو شرشف، ويبلغ وزن الجلد على الإنسان المتوسط بحدود 2.7 كيلو غرام. والجلد الذي تراه نظيفاً وناعماً وأملساً، يحوي على سطحه ملايين البكتريا والجراثيم. وهو يساعد على بقاء الجسم عند درجة الحرارة الصحيحة،

    ذاكرة الجلد
    لسنوات عديدة حاول العلماء كشف أسرار الذاكرة وتوجهوا إلى أعماق الخلية بهدف الكشف عن أماكن تخزين الذكريات والمعلومات لدى الإنسان. إنهم يعلمون أن هنالك ذاكرة وراثية يتم تخزينها في شريط المعلومات الوراثي المسمى DNA فماذا كانت نتائج آخر الأبحاث العلمية حول الذاكرة؟
    في بحث علمي جديد نشرته مجلة علم الأعصاب في منتصف العام (2007) [1] وجد الباحثون أن الخلايا تحوي جزيئات تسمى CaMKII وهذه الجزيئات مسؤولة عن تخزين الذكريات، وهذه النتيجة اكتشفت لأول مرة، وقد تأكد منها الباحثون من خلال مهاجمة هذه الجزيئات عند الفأر فكانت النتيجة أنه محيت الذاكرة تماماً ثم بعد ذلك استعادت قدرتها على التخزين، تماماً مثل القرص الصلب في الكمبيوتر عندما يخزن المعلومات ويمكن أن نمحوها ثم نخزن معلومات أخرى من جديد.
    ويمكن القول إنه من المحتمل أن تكون هذه الذاكرة موجودة في جميع الخلايا للكائنات الحية. وبخاصة أن العلماء بدأوا بالفعل يتحدثون عن ذاكرة للقلب وذاكرة للخلايا وذاكرة للجلد وغير ذلك من أنواع الذاكرة [2].
    إن هذه الاكتشافات سوف تفيد الأطباء في معالجة الآلام المزمنة، لأن خلايا الجلد مثلاً تتذكر ما مر بها من آلام سابقة، مثل أولئك الذين تم بتر إحدى أيديهم فهم يتألمون وكأن يدهم لا زالت موجودة! ولذلك فإن خلايا الدماغ لا تزال تخزن ذكريات الألم وتتذكر هذه الآلام وتعمل على تحريضها باستمرار، ولذلك فإن اكتشاف سر الذاكرة سوف يساعد على محي بعض المعلومات المؤلمة من الخلايا.

    وفي دراسة جديدة [2] تبين أن خلايا الجلد تحمي نفسها بشكل دائم من هجوم البكتريا وأن استعمال الهواتف النقالة بكثرة يؤدي إلى نمو بعض أنواع البكتريا على الجلد، وتعتمد هذه العملية على مدى مناعة الإنسان. والسبب في ذلك أن للجلد مهام حساسة في تخزين المعلومات والأحداث وإن وجود الهاتف النقال بشكل دائم يؤدي إلى التشويش على عمل الخلايا بسبب الترددات الكهرطيسية التي يبثها ويستقبلها هذا الهاتف النقال.
    العلاج بخلايا الجلد!
    يحاول العلماء اليوم الاستفادة من خلايا الجلد المستخلصة من الأجنة (الخلايا الجذعية) ويقولون إن لها تأثيراً مذهلاً في علاج الحروق، فهذه الخلايا لم تختزن بعد أية معلومات تذكر ولذلك هي خلايا نقية ويمكن وضعها لأي إنسان احترقت أجزاء من جسده [4].
    وهناك محاولات كثيرة للعلماء اليوم للعمل على الاستفادة من الخلايا الجنينية في مراحل مبكرة لأنهم وجدوا منجماً خصباً فيها للعلاج [5]. كما يحاول الباحثون اليوم تعديل الشريط الوراثي لخلايا الجلد حتى ينزعوا منها الذاكرة والمعلومات المختزنة لتصبح أكثر قابلية للزرع وتجنباً للسرطان [6].
    كما نجح العلماء اليوم في استنساخ الفئران من خلايا الجلد، لماذا لأن هذه الخلايا تحمل أكبر قدر ممكن من الذاكرة الطويلة! ووجدوا أن الخلايا الجلدية للأنثى تختزن المعلومات أكثر من خلايا الجلد للذكر (طبعاً هذا في حالة الفئران وقد يكون صحيحاً بالنسبة للبشر) [7].
    إن الذي يتابع جديد الطب يلاحظ أن لدى العلماء اهتماماً كبيراً في استغلال خلايا الجلد، فهم يحاولون علاج بعض أمراض السرطان التي تصيب الأطفال باستخدام خلايا جلد معدلة وراثياً، حيث إن هذه الخلايا سيكون لها أثر فعال في علاج السرطان وتقوية جهاز المناعة ومساعدته على إيقاف التضخم [8].
    ولكن ماذا عن النواحي الشرعية لمثل هذه الأبحاث؟ بغض النظر عزيزي القارئ عن مشروعية مثل هذه التجارب إلا أننا نقدم في هذا البحث ما وصل إليه العلماء من حقائق، لتكون هذه الحقائق دليلاً على صدق كتاب الله تعالى. طبعاً نحن نؤمن بكل ما جاء به القرآن، ولكن المشككين دائماً يطلبون الدليل على أي شيء يصادفهم وهانحن نقدم لهم الحقائق وعلى ألسنة علمائهم!
    لغة الجلد!
    إن العلماء يؤكدون وجود صوت لخلايا الجلد تنطق به، ولكننا لا نفقه ما تقوله!! وهذا الاكتشاف حديث لم يكن لأحد علم به زمن نزول القرآن ولكن القرآن أخبرنا بأن كل شيء ينطق ويسبح الله كما سنرى في فقرة لاحقة.

    يوجد في أعماق خلايا الجلد سجلات خاصة أشبه بسجلات الكمبيوتر تحفظ المعلومات والأحداث التي تدور حول الجلد وتحفظ كذلك الأصوات التي تُحكى والأفعال التي نقوم بها. ويقول الدكتور "كلارك أوتلي" وهو الذي أشرف على مئات العمليات الخاصة بزرع الجلد ونقله من أشخاص لآخرين: إن الجلد يملك ذاكرة طوية جداً، فهو لا ينسى!!
    وقد وصل هذا العالم إلى هذه النتيجة بعد أن وجد أن 70 بالمئة من الذين أُجريت لهم زراعة الجلد من أشخاص آخرين قد أُصيبوا بسرطان الجلد بعد فترة قصيرة من العملية [10]. وهذه مشكلة كبرى لم يستطع الطب أن يجد لها علاجاً، ويقول العلماء إن جلد كل إنسان له خصوصية كبيرة فهو خزان للمعلومات ولذلك عندما يتم نقل جزء من هذا الجلد إلى شخص آخر (احترق جلده مثلاً) فإن الخلايا تنقل معها كل المشاكل والأحداث والمعلومات الخاصة بذلك الشخص، وهكذا يرفض جسم المريض أي جلد من شخص آخر!
    ولكن يمكننا كمسلمين أن نقترح علاجاً لهذه الظاهرة وهو أن نقرأ القرآن على الجلد قبل زراعته حتى يتم تطهيره وتهيئته ليتقبله المريض، وطبعاً نحن نعلم الأثر الكبير للعلاج بالقرآن وأن لصوت القرآن أثراً كبيراً في إعادة تنشيط الخلايا وإعادة برمجتها على الفطرة التي فطرها الله عليها.
    كل شيء يتكلم!
    لقد تبين للعلماء أخيراً أن لكل شيء في الكون تردده الصوتي الخاص به ويسمى الرنين الطبيعي، وأن هذا الجسم عندما نعرضه لذبذبات صوتية بتردد يساوي تردده الخاص فإنه سيبدأ بالتجاوب والاهتزاز، ولذلك فإن جميع الأشياء في الطبيعة من إنسان أو جماد أو حيوان تتأثر بالصوت.
    ثم بعدما تطورت أجهزة قياس الترددات الصوتية وجد العلماء أن كل شيء في الكون تقريباً يصدر ترددات صوتيه، فالخلايا تصدر هذه الترددات سواء في الإنسان أو النبات أو الحيوان. وكذلك النجوم تصدر أصواتاً، والكون في بداية خلقه أصدر ترددات صوتية بسبب توسعه المفاجئ، وكذلك اكتشف علماء وكالة ناسا أن الثقوب السوداء تصدر ترددات صوتية، وأن النجوم النيوترونية تصدر ترددات صوتية تشبه صوت المطرقة، واكتشف علماء النيات أصواتاً خفية تصدرها النباتات وتتأثر بالأصوات أيضاً، الحشرات بجمع أنواعها لها ترددات صوتية خاصة بها، حتى إن خلايا القلب تصدر ترددات صوتية خاصة بها..... وهكذا كل شيء ينطق في هذا الكون!
    وجه الإعجاز
    1- من خلال الحقائق السابقة يمكنني أن أقول لك إن ما تراه على سطح جلدك هو خلايا ميتة على وشك السقوط، ونحن كمؤمنين علمنا القرآن كيف نجعل خلايا جلدنا أكثر نشاطاً وحيوية من خلال تفاعلها وتأثرها بكلام الله تعالى، يقول تعالى: (اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ) [الزمر: 23]. أي أن قراءة القرآن والتأثر بسماعه هو أفضل وسيلة لحماية خلايا الجلد وخلايا الجسد بشكل عام.
    2- رأينا كيف أن خلايا الجلد تتجدد وتتبدل باستمرار، وهذا الموضوع أشار إليه القرآن في عذاب أولئك الذين كفروا بآيات الله حيث تُبدل جلودهم باستمرار ليبقى العذاب مستمراً، يقول تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآَيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا) [النساء: 56]. فكلما احترقت الخلايا العصبية وأوشك الإحساس بالألم على الزوال تجددت هذه الخلايا وأصبح العذاب أشد، ولذلك كان أكثر دعاء النبي عليه الصلاة والسلام: اللهم قنا عذابك يوم تبعث عبادك!
    3- يقول العلماء اليوم إن خلايا الجلد تتأثر بالترددات الصوتية بل وتتجاوب معها، وبخاصة بعد أن اكتشف العلماء الذبذبات الصوتية التي يصدرها الشريط الوراثي المسمى DNA ، إذن الجلد عندما يقشعر بنتيجة الاستماع إلى خبر ما سار أو مؤلم فإن هذا نوع من التجاوب مع الصوت الذي استمع إليه هذا الإنسان.
    وهنا يتجلى قول الحق تبارك وتعالى: (اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ) [الزمر: 23]. فهذه الآية تؤكد أن خلايا الجلد عند المؤمن تتأثر بصوت القرآن وتتجاوب وتقشعر، بينما تجد الكافر لا يتأثر، لماذا؟ لأن خلايا جلده اختزنت النفاق والكفر والفواحش والأفعال السيئة فلم تعد تستجيب لأي ترددات صوتية إيمانية!
    4- من خلال الحقائق السابقة يمكن القول إن جميع الخلايا تملك ذاكرة خاصة بها، وبخاصة خلايا السمع والبصر، ولذلك فإن هذا السمع وهذا البصر سيشهدان على صاحبهما يوم القيامة بما فعله من أعمال سيئة في الدنيا.
    ولكن الإنسان في ذلك اليوم لا يستغرب من شهادة السمع لأن الأذن كانت تسمع ما يقوله وما يُقال أمامه، وكذلك لا يستغرب شهادة البصر لأن العين كانت ترى ما ينظر إليه وتخزن المشاهد التي فيها معصية لله تعالى. هذا الإنسان يكون على قدر كبير من التعجب من شهادة جلده عليه، إذ أن الإنسان لا يتصور أن الجلد له دور في تخزين المعلومات والأحداث!
    ولذلك فإن هؤلاء الناس يسألون جلودهم يوم القيامة بقولهم (لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا) فتقول هذه الجلود: (أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ) وهنا تتجلى معجزة ثانية أيضاً، فكيف يمكن لكل شيء أن ينطق؟!
    5- بما أن لكل شيء تردده الصوتي الخاص كما رأينا [11]، لذلك فإن الله تبارك وتعالى قال: (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا) [الإسراء: 44]. ويوم القيامة سوف يسمع الإنسان أصوات هذه المخلوقات والتي لم يكن يسمعها في الدنيا، سوف يسمع صوت جلده وهو يشهد عليه ويقول له: أتذكر يوم كذا وكذا عندما كنت تقوم بهذه الفاحشة وتظن أنه لا يراك أحد؟ ويقول له سمعه أتذكر عندما كنتَ تستمع إلى ما حرم الله من الأغاني والكلام الفاحش؟ ويقول له بصره أتذكر عندما كنتَ تنظر إلى ما حرَّم الله من النساء والشهوات؟
    وأخيراً
    أخي المؤمن، أختي المؤمنة! ينبغي علينا في كل لحظة من لحظات حياتنا أن نتذكر ذلك المشهد عندما تشهد علينا جلودنا، تذكروا معي أن هذا الجلد الذي سخره الله لك ليكون وقاية وحماية لجسدك وهو يصاحبك منذ أن تكون في بطن أمك، هذا الجلد سيكون عدواً لك يوم القيامة، إلا إذا أكثرت من الأعمال الصالحة فإن جلدك سيكون شاهداً معك لا عليك.
    نسأل الله تعالى أن يجعل كل لحظة في حياتنا طاعة لله وعملاً صالحاً لا نبتغي به إلا وجه الله تعالى. ونتأمل من جديد هذا النص القرآني الذي ينبغي على كل منا أن يحفظه في قلبه ويتذكره كلما أمرتنا أنفسنا بالسوء: (وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ (19) حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (20) وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) [فصلت: 19-21].










  2. #32
    -


    تاريخ التسجيل
    06 2005
    المشاركات
    34,989
    المشاركات
    34,989
    Blog Entries
    78


    سبحان الله
    اثريت معلوماتي اخي الفاضل
    بماسطره قلمك من معلومات
    فجزاك الباري خيراً وحفظك ورعاك
    بانتظار المزيد
    وفقك الله و أسعدك في الدارين



    هكذا هم الغرباء يأتون ويرحلون بـصمت ..!

  3. #33
    مراقب المضايف الاسلامية الصورة الرمزية ابو ضاري


    تاريخ التسجيل
    03 2007
    الدولة
    الجبي
    العمر
    45
    المشاركات
    15,733
    المشاركات
    15,733
    Blog Entries
    1


    عواقب ثقب الأوزون من معجزات القرآن


    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله؛ وبعد:
    الوصف التصويري الذي يقدمه القرآن الكريم عن الكون مبهر حقا لكل مدرك لأسلوبه وللحقائق العلمية, ولكن الباحث عن الشبهات قد يغالط أو يتجرأ فيغامر بالاتهام وتفوته المعرفة ببلاغة الكتاب الكريم وحقائق الكشوف, وجوابا على الشبهة أن ثقب الأوزون يعارض وصف السماء كبناء واحد مترابط بلا شروخ؛ أقول مستعينا بالعلي القدير سائله تعالى التوفيق والسداد: في عام 1913 اكتشف شارل فابري Charles Fabry وهنري بويسون Henri Buisson طبقة الأوزون, والجزيء مكون من ثلاث ذرات أكسجين ويقوم بامتصاص الأشعة فوق البنفسجية التي تصدرها الشمس وتسبب عادة حروق الجلد, ولكنها قد تتلف الإبصار وتضر بجهاز المناعة والمادة الجينية وتسبب سرطان الجلد, وقد تلحق الضرر أيضا بمادة اليخضور Chlorophyll في النبات التي هي الأساس في صنع الغذاء للأحياء مما يهدد الأمن الغذائي على الكوكب, وقد اكتشف ثقب الأوزون فوق القطب الجنوبي عام 1985 وبعد أربع سنوات اكتشف ثقب أقل فوق القطب الشمالي, والمتهم الرئيس هو بعض المركبات الكيماوية المصاحبة للثورة الصناعية حديثا كبعض المبيدات الحشرية والتي اتفقت 191 دولة عام 1987 على الحد منها في مؤتمر مونتريال, وثقب الأوزون لا يعني خرق وحدة البناء الكوني وإتقانه لأنه ظاهرة محلية عارضة وأثر تخريبي للتوازن في البيئة ناتج عن الإفساد البشري بتلويث الجو, وبديهي أن تأثر البيئة حولنا بالنشاط البشري معرفة حديثة؛ ولكن القرآن الكريم يدل صراحة بغير سابقة في كتاب آخر ينسب للوحي على أن الفساد في البيئة قد تصنعه اليد البشرية في قوله تعالى: ﴿ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الّذِي عَمِلُواْ لَعَلّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ الروم: 41.
    قال ابن القيم المتوفى سنة 751 هـ (رحمهم الله تعالى جميعا) في زاد المعاد (ج4ص362): "من له معرفة بأحوال العالم.. يعرف أن جميع الفساد في جوه ونباته وحيوانه وأحوال أهله حادث.. بأسباب اقتضت حدوثه، ولم تزل أعمال بني آدم.. تحدث لهم من الفساد العام والخاص ما يجلب عليهم من الآلام والأمراض.. وسلب بركات الأرض..، فإن لم يتسع علمك لهذا فاكتف بقوله تعالى‏:‏ (ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس)‏، ونزّل هذه الآية على أحوال العالم وطابق بين الواقع وبينها"، وليست تلك الدلالة العلمية المطابقة للواقع عارضة وإنما هي سمة عامة قد تميز بها الكتاب العزيز في كل وصف للكون حولنا. ولفظ (السماء) عند الإطلاق يعني كل الوجود الممكن الإدراك في العلاء بالنسبة للناظر فوق كوكب الأرض حتى قالوا: "هو كل ما علاك فأظلك", وقد تقصر قرائن السياق دلالته على كيان محدد مثل أفاق الأجرام السماوية المتلألئة للناظرين كما في قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السّمَاءِ بُرُوجاً وَزَيّنّاهَا لِلنّاظِرِينَ﴾ الحجر: 16؛ أو الجو المحيط بالكوكب حيث السحاب مصدر المطر كما في قوله تعالى: ﴿وَأَرْسَلْنَا الرّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنزَلْنَا مِنَ السّمَآءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَآ أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ﴾ الحجر: 22, فاسأل نفسك: أيقول هذا بشر زمن التنزيل حيث لم يُعرف إلا حديثا بدور الرياح في حمل أنوية تلقيح من العوالق يتجمع حولها بخار الماء لتكثفه البرودة في العلاء فيتكون السحاب يثقله المطر الوفير؛ أم هي براهين الوحي تسطع بأنوار اليقين للنابهين!.
    وفي قوله تعالى: ﴿وَتَصْرِيفِ الرّيَاحِ وَالسّحَابِ الْمُسَخّرِ بَيْنَ السّمَآءِ وَالأرْضِ لاَيَاتٍ لّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ﴾ البقرة: 164؛ قصر السياق دلالة لفظ (السماء) على محل بروج الأجرام السماوية, والتعبير (بَيْنَ السّمَآءِ وَالأرْضِ) قاطع الدلالة على وجود منطقة بين محل البروج وكوكب الأرض تتميز عما يبدو خلاء فوقها بوجود السحاب وتيارات الهواء ويستقيم حملها على الجو, أليست هي نفس الدلالة في نسبة الجو إلى مطلق العلاء بلفظ (السماء) وتمييز الجو بتيارات الهواء حيث تحلق الطير في قوله تعالى: ﴿أَلَمْ يَرَوْاْ إِلَىَ الطّيْرِ مُسَخّرَاتٍ فِي جَوّ السّمَآءِ مَا يُمْسِكُهُنّ إِلاّ اللّهُ إِنّ فِي ذَلِكَ لاَيَاتٍ لّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ النحل: 79, العلم إذن في القرآن يقين بخلو نطق الأجرام السماوية من الهواء حيث تقع الشمس والقمر مع الكواكب في الحيز الأدنى؛ بينما في أسطورة يونانية بلغ إيكاروس القمر بأجنحة من الريش, وفي أخرى صينية طارت عشر إوزات بعربة أحد الملوك إلى القمر, وفي عام 1638 نشر فرنسيس غودوين روايته عن الرحالة الذي حملته إلى القمر عشر إوزات برية قادرة على الطيران, وفي عمله الروائي المنشور في نفس القرن طار بالمثل دومينغو غونزيلز إلى القمر على كرسي يجره الإوز, وفي القرن الثامن عشر ابتدع البارون هيرونيمز كارل فون فونشوزن في عمله الروائي لبلوغ القمر سفينة تحملها الرياح، فإن لم تكن هي أنوار الوحي التي أشرقت في بادية العرب قبل عصر العلم بأكثر من عشرة قرون؛ كيف خلى القرآن من الأساطير والأوهام!.

    وفي قوله تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْنَا السّمَآءَ وَالأرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لاَعِبِينَ﴾ الأنبياء: 16, وقوله تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْنَا السّمَاوَاتِ وَالأرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لاَعِبِينَ﴾ الدخان: 38, ؛ ألا ترى أن الكتاب العزيز قد استبدل لفظ (السماء) بلفظ (السماوات) وأبقى على نفس الألفاظ قرينة على أن الموصوف واحد وهو محل الأجرام السماوية فوق جرم الأرض ويفصل بينهما الجو, والتعبير عن محل الأجرام السماوية بإفراد لفظ (السماء) يستقيم مع بيان وحدة التصميم والترابط في بدن واحد, والتعبير بالجمع (سماوات) يستقيم مع تميز الآفاق السماوية وفقا لما في كل منها من لبنات البروج؛ أدناها أفق الكواكب دون آفاق بروج النجوم العظيمة الأبعاد: عنقود نجمي محلي Local Cluster يعلوه عنقود أعظم Super-Cluster داخل أفق المجرة Galaxy التي تعلوها المجموعة المجرية المحلية ثم مجموعة مجرية أعظم تعلوها أشباه النجوم Quasars التي تمثل أقصى ما يمكن أن يمتد إليه بصر, وورود لفظ (السماء) إفرادا وجمعا بالتعريف قرينة على أن المراد باللفظ كان معلوما للأمم منذ القدم بالمشاهدة والرصد؛ وإن تطورت المعرفة بالتفاصيل, قال ابن عاشور المتوفى سنة 1393هـ (رحمهم الله تعالى جميعا) في تفسيره (ج1ص385 ): "قد عدَّ الله تعالى السماوات سبعًا وهو أعلم بها وبالمراد منها؛ إلا أن الظاهر الذي دلت عليه القواعد العلمية أن المراد من السماوات (آفاق) الأجرام العلوية العظيمة.. ويدل على ذلك أمور؛ (أحدها): أن السماوات ذكرت في غالب مواضع القرآن مع ذكر الأرض.. فدل على أنها عوالم كالعالم الأرضي..
    (ثانيها): أنها ذُكرت مع الأرض من حيث أنها أدلة على بديع صنع الله تعالى فناسب أن يكون تفسيرها (آفاق) تلك الأجرام المشاهدة"، ولك إذن أن تستبعد الوهم أن لفظ (السماء) و(السماوات) في الكتاب العزيز لا يعني إلا المجهول لا آفاق المخلوق الممكن العلم للدلالة الصريحة التي لا تقبل تأويل على أن بروج الأجرام السماوية كالشمس والقمر من معالم السماوات المتعددة الطباق والممكنة الإدراك والعلم في قوله تعالى: ﴿تَبَارَكَ الّذِي جَعَلَ فِي السّمَآءِ بُرُوجاً وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجاً وَقَمَراً مّنِيراً﴾ الفرقان: 61, وقوله تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَوْاْ كَيْفَ خَلَقَ اللّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقاً. وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنّ نُوراً وَجَعَلَ الشّمْسَ سِرَاجاً﴾ نوح: 15و16.
    وتوزع الأجرام السماوية في طبقات يجعل أفلاكها أي مداراتها محلا كالطرائق وليست أجساما صلبة التصقت عليها الأجرام الثوابت وفق الاعتقاد السائد حتى القرن السابع عشر, ويتفرد القرآن الكريم منذ القرن السابع الميلادي دون أي كتاب آخر يُنسب للوحي بنسبة الحركة للأجرام السماوية ذاتها وجعل مساراتها طرائق في قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَآئِقَ﴾ المؤمنون: 17, قال ابن جزي المتوفى سنة 741هـ في تفسيره (ج2ص240): "يعني الأفلاك لأنها طرق", وقال ابن عاشور في تفسيره (ج15ص361): وطرائق جمع طريقة.. وهي الطريق.. شبه بها أفلاك الكواكب", والتشبيه بالطرائق يعني أن كل الأجرام تتحرك بخلاف الاعتقاد لعهد قريب بأن النجوم ثوابت, قال تعالى: ﴿وكُلّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ﴾ يس:40, و﴿كُلّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ﴾ الأنبياء: 33, و﴿كُلّ يَجْرِي لأجَلٍ مّسَمّى﴾ الرعد: 2 وفاطر: 13 والزمر: 5, و﴿كُلّ يَجْرِيَ إِلَىَ أَجَلٍ مّسَمّى﴾ لقمان: 29, قال القرطبي المتوفى سنة 671 هـ في تفسيره (ج11ص286): "(كُلٌّ) يعني من الشمس والقمر والنجوم والكواكب.. (في فلك يسبحون) أي يجرون.., قال ابن زيد: الأفلاك مجاري النجوم والشمس والقمر", وأقوال العلماء صريحة في أن طرائق الأجرام تفسير للسماوات, قال ابن كثير المتوفى سنة 774 هـ في تفسيره (ج5ص469): "قوله: (سَبْعَ طَرَائِقَ(؛ قال مجاهد يعني السموات السبع", وقال الشيخ السعدي المتوفى سنة 1376 هـ في تفسيره (ج1ص549): "سَبْعَ طَرَائِقَ أي سبع سماوات طباقًا كل طبقة فوق الأخرى قد زينت بالنجوم والشمس والقمر".
    وفي قوله تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْنَا السّمَاوَاتِ وَالأرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لاَعِبِينَ. مَا خَلَقْنَاهُمَآ إِلاّ بِالْحَقّ وَلََكِنّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ﴾ الدخان: 38و39؛ رائعة بيانية ولفتة علمية لا تغيب عن الفطين حيث يعبر القرآن بالتثنية (خلقناهما) عن ثلاثة كيانات كاشفا العلم أن الجو امتداد لكوكب الأرض وإن كان بالنسبة للناظر سماء, وقد حافظ الترتيب كما في كل المواضع في الكتاب الكريم بلا استثناء على جعل (ما بينهما) المعبر عن الجو لاحقا بالأرض تابعا لها؛ فاتفق مع المعرفة الحديثة بأن الجو قد تكون من دخان الأرض الملتهبة والذي كان يتبدد لشدة الحرارة ولا يمضي معها خلال حركتها في مدارها, ومع البرودة تلازمت حركتيهما وتميز الجو إلى طبقات تماثل طبقات الأجرام في التعدد, أليست تلك المعرفة الحديثة هي نفس مضمون التصوير في قوله تعالى: ﴿ثُمّ اسْتَوَىَ إِلَى السّمَآءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلأرْضِ ائْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَآ أَتَيْنَا طَآئِعِينَ﴾ فصلت: 11.
    ومن مآثر القرآن الوصف المذهل للكون تصويرا كنسيج ثوب واحد أو بناء واحد شديد الترابط بلا شروخ وفروج أو فطور, وذلك قبل اكتشاف دور قوى الجاذبية في ترابط واتزان حركة كل الأجرام ودور المواد الفائقة الكثافة في حفظ وتماسك لبنات التكوين من الأجرام رغم توزعها في بروج وزمر يعلو بعضها بعضا في طبقات متزايدة البنية متعاظمة الأبعاد, قال تعالى: ﴿أَفَلَمْ يَنظُرُوَاْ إِلَى السّمَآءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيّنّاهَا وَمَا لَهَا مِن فُرُوجٍ. وَالأرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلّ زَوْجٍ بَهِيجٍ. تَبْصِرَةً وَذِكْرَىَ لِكُلّ عَبْدٍ مّنِيبٍ. وَنَزّلْنَا مِنَ السّمَآءِ مَآءً مّبَارَكاً فَأَنبَتْنَا بِهِ جَنّاتٍ وَحَبّ الْحَصِيدِ. وَالنّخْلَ بَاسِقَاتٍ لّهَا طَلْعٌ نّضِيدٌ. رّزْقاً لّلْعِبَادِ وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مّيْتاً كَذَلِكَ الْخُرُوجُ﴾ ق: 6-11, ونفي الفروج في تمثيل الكون بالبناء يعني الترابط وإحكام الصنع والإتقان, قال الرازي المتوفى سنة 606 هـ في تفسيره (ج5ص13): "خلق السموات والأرض خلق متقن محكم، ألا ترى إلى قوله تعالى: ﴿الّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقاً مّا تَرَىَ فِي خَلْقِ الرّحْمََنِ مِن تَفَاوُتِ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَىَ مِن فُطُورٍ﴾ الملك: 3, وقوله تعالى: ﴿وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعاً شِدَاداً. وَجَعَلْنَا سِرَاجاً وَهّاجاً﴾ النبأ: 12و13".
    فنظرة القرآن إذن إلى العالم الممكن النظر شمولية تتسع لوصف الكون أجمعه وتتسع بالمثل لتشمل الكوكب أجمعه, ومع تلك النظرة العلمية الشمولية لم يغب بيان دور الجبال بتمثيل طفو ألواح القارات واتزانها فوق باطن أكبر كثافة, فقد تكرر وصف الجبال بالرواسي, وفي مقام بيان تاريخ الأرض في قوله تعالى: ﴿وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا﴾ فصلت: 10؛ الدلالة قاطعة على أن الجبال تحمل القارات فوق دوامات باطن أكبر كثافة كرواسي سفن تطفو فوق بحر هائج تغالب أن تميد, وبالمثل في قوله تعالى: ﴿وَالأرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ﴾؛ يستقيم حمل دلالة لفظ (الأرض) على الألواح القارية التي تكون سطح الكوكب بقرينة إلقاء اندفاعات الباطن وتمددها وتصلبها واستقرارها بنشأة الجبال كرواسي سفن تحفظها أن تميد, والمكابر يعاند فلا يردعه عن المخاطرة بمحاولة الطعن في القرآن جملة مآثر في العلم وروائع البيان؛ لكن الفطين تكفه مأثرة.










  4. #34
    -


    تاريخ التسجيل
    06 2005
    المشاركات
    34,989
    المشاركات
    34,989
    Blog Entries
    78


    جعل الله كل حرف حسنة في ميزانك
    وكل كلمة كنوز حسنات في صحيفتك
    وكل جهد طيب كجبل أحد من الحسنات
    ابوضاري
    جزاك الله خير الجزاء



    هكذا هم الغرباء يأتون ويرحلون بـصمت ..!

  5. #35
    مراقب المضايف الاسلامية الصورة الرمزية ابو ضاري


    تاريخ التسجيل
    03 2007
    الدولة
    الجبي
    العمر
    45
    المشاركات
    15,733
    المشاركات
    15,733
    Blog Entries
    1


    لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَن طَبقٍ



    قال الله عز وجل:﴿ فَلَا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ * وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ * وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ * لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ * َمَا لَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ * وَإِذَا قُرِىءَ عَلَيْهِمُ القرآن لاَ يَسْجُدُونَ ﴾(الانشقاق:16- 21).
    أولاً- هذه الآيات وردت في بداية المقطع الثالث والرابع من سورة الانشقاق ‏,‏ وفيها يعرض الحق جل وعلا بعض الظواهر الكونية الحاضرة، مما يقع تحت حس الإنسان، مع التلويح بالقسم بها، تشريفًا لها وتعريضًا للاعتبار بها، على أن الناس متقلبون في أحوال مقدرة مدبرة , لا مفر لهم من ركوبها ومعاناة أهوالها وشدائدها. فاليد التي تمسك بأقدار هذا الكون، وترسم خطواته، وتبدل أحواله، قادرة أن تبدل أحوال الناس الذين يعيشون في هذا الكون، وتنقلهم من حياة إلى موت، ومن بعث إلى حساب، فما لهؤلاء القوم لا يؤمنون بصحة البعث والقيامة، وإذا قرىء عليهم القرآن لا يسجدون بعد أن وضحت لهم الدلائل ؟
    وأول ما ينبغي التنبيه إليه هو أن قوله تعالى: ﴿ فَلَا أُقْسِمُ ﴾ تلويح بالقسم، خلافًا لما أجمع عليه علماء النحو والتفسير من أنه قسم صريح، و( لا ) فيه ليست بزائدة، أو لنفي ما قبلها، أو لنفي القسم ؛ وإنما هي لنفي الحاجة إلى القسم. والفرق بين القسم، والتلويح به: أن القسم لا يكون إلا على الأشياء التي تكون موضع شك عند المخاطب. أما التلويح بالقسم فيكون على الأشياء اليقينية الثابتة التي لا يتطرق إليها الشك أبدًا. وبيان ذلك وتفصيل القول فيه موجود في المقال الآتي لا أقسم: أقسم هو، أم غير قسم ؟.
    وقوله تعالى:﴿ لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَن طَبَقٍ ﴾ جواب للتلويح بالقسم، وهو كما قال ابن عاشور:« جملة نُسِجَ نظمُها نسجًا مجملاً، لتوفير المعاني التي تذهب إليْها أفهام السامعين، فجاءت على أبدع ما يُنْسَج عليه الكلام الذي يُرسَل إرسال الأمثال من الكلام الجامع البديع النسْج الوافر المعنى ؛ ولذلك كثرت تأويلات المفسرين لها. فلمعاني الركوب المجازية، ولمعاني الطبَق من حقيقي ومجازي، مُتَّسَع لما تفيده الآية من المعاني، وذلك ما جعَل لإِيثار هذين اللفظين في هذه الآية خصوصية من أفنان الإعجاز القرآني ».
    والظواهر الملوح بالقسم بها هي:﴿ الشَّفَقِ * وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ * وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ ﴾، وهي من الظواهر الكونية الرائعة التي تدل على عظمة الخالق جل وعلا، وتشهد له بالألوهية والربوبية والوحدانية، يعرضها الخالق جل وعلا في لمحات سريعة خاطفة تغمر النفس رهبة وجلالاً، وتملأ القلب خوفًا وخشوعًا، وهي ذات ظلال موحية تتفق مع ظلال مطلع السورة، ومشاهدها بصفة عامة، وتتناسب مع ما يدل عليه قوله تعالى:﴿ لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَن طَبَقٍ ﴾ من تفاوت الأحوال التي يختبط الناس فيها يوم القيامة.
    أما ﴿ الشَّفَقُ ﴾ فهو ضياء من شعاع الشمس يظهر في الأفق عندما يحجبها عن عيون الناس بعض جرم الأرض، بعد غروب الشمس وقبل شروقها، ويمثل فترة الانتقال من النهار إلى الليل، ومن الليل إلى النهار ‏.‏ وقيل: سُمِّيَ بالشفق لرقَّته، ومنه الشفقة التي هي عبارةٌ عن رقَّة القلب. وتعد ظاهرة الشفق من روائع الظواهر الكونية التي حيَّرت العلماء، وربما يكون أجمل أنواع الشفق ذلك الذي يتجلى في منطقة ( القطب الشمالي ) للكرة الأرضية، وهو ما سماه العلماء ( الشفق القطبي )، حيث تظهر السماء بألوان زاهية بالأخضر والأحمر والأصفر والأزرق وغير ذلك. وسبب تكونه هو وجود أشعة أو رياح شمسية تأتي من الشمس، وتتفاعل مع طبقات الغلاف الجوي العليا للأرض، ومع المجال المغنطيسي المحيط بها، فيكون الناتج تلك الصور الإلهية الرائعة.
    وأما ﴿ اللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ ﴾ فالمراد به: الليل وما جمع وضم. وقيل: الليل وما علا، فلم يمتنع منه شيء. فإذا جلَّل الليل الجبال والأشجار والبحار والأرض والنجوم فاجتمعت له، فقد وسقها. و( ما ) تفيد التعميم والتهويل، وتحتمل المصدرية والموصولة، والجمهور على الثاني، والعائد محذوف. أي: والذي وسقه. والوَسْق: جمع الأشياء المتفرقة بعضها إلى بعض. وأصل الوسق: الحمل المحمول على ظهر البعير.
    وأما ﴿ الْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ ﴾ فالمراد به: إذا اجتمع نوره واكتمل بدرًا. والاتساق: الاجتماع، وهو افتعال من الوَسْق بمعنى الجمع - كما تقدم آنفًا - يقال: وَسَقَهُ فاتَّسَقَ. أي: جمعه فاجتمع. وأصل اتَّسَقَ: اوْتَسَقَ، قلبت الواو تاء فوقية، ثم أدغمت في تاء الافتعال، وهو قلب مطَّرد.
    ثانيًا- ويزعم بعض الباحثين في أسرار الإعجاز العلمي للقرآن أن في قوله تعالى:﴿ لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَن طَبَقٍ ﴾(الانشقاق: 19) إشارة علمية إلى إمكانية الصعود إلى القمر والكواكب الأخرى. ولعل آخر من كتب في هذا الموضوع الباحث عبد الدايم الكحيل، فقد كتب في موقعه ( أسرار الإعجاز العلمي في القرآن والسنة ) مقالاً قصيرًا بعنوان الوصول إلى القمر )، بدأه بشرح الآيات السابقة، فقال ما نصُّه:
    « يقسم تبارك وتعالى بظاهرة الشفق، وهذه الظاهرة من أجمل الظواهر الكونية، والله يقسم بما يشاء من مخلوقاته، ويقسم كذلك بالليل وما حوى، وبالقمر ومنازله، أن الناس سيركبون طبقًا عن طبق ».
    ثم تحدث عن الحقيقة العلمية، فقال:
    « في 20 تموز من عام 1969 نزل رائدا الفضاء الأمريكيان: نيل أمسترنغ، وأدوين الدري إلى سطح القمر، وكانت هذه هي المرة الأولى التي يهبط فيها الإنسان على سطح القمر. لقد استخدموا في هذه الرحلة مركبة الفضاء التي هي عبارة عن طبق من المعدن، ومن ثم تطور علم الفلك كثيرًا وتطورت مراكب الفضاء، ففي كل عام يبتكر العلماء مراكب فضاء بتقنيات متطورة أكثر حتى إنهم اخترعوا آلاف الأنواع لهذه المراكب، وأصبحت المركبة الواحدة تتألف من عدة طوابق أو طبقات ».
    وانتهى من ذلك إلى بيان وجه الإعجاز في الآية الأخيرة فقال:
    « من خلال الآية الكريمة ﴿ لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَن طَبَقٍ ﴾ نرى إشارة إلى إمكانية صعود الإنسان إلى القمر، خصوصًا أن هذه الآية تأتي بعد ذكر القمر ﴿ وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ ﴾، وهذه الإشارة تحققت في القرن العشرين، بما يدل على أن القرآن كتاب الله، وأنه يتطابق مع العلم الحديث ».
    وهذا يعني أن المراد بركوب الطبق في الآية الكريمة: ركوب المركبة الفضائية، وأن الله سبحانه– كما قال بعضهم - يقسم بهذه الظواهر الكونية على أن الإنسان لن يقتصر على ركوب الدواب والسفن والإبل التي سخرها الله له خلال آلاف السنين ؛ بل سيأتي زمن تتطور فيه العلوم، ويركب هذا الإنسان طبقًا بعد طبق. أي: تتطور هذه الوسائل المستخدمة للنقل من القطار مثلاً، إلى الطائرة، ثم إلى المراكب الفضائية، ثم إلى المراكب الفضائية المتطورة جدًا.
    وقال الباحث محمد سمير العرش:« ولفظ طبق وطباق وأطباق ورد في القرآن إشارة لمستويات السموات المتعددة، بمعنى أننا سنصعد لطبقات عدة في الفضاء، وبالفعل بدأنا بالبالون الذي ارتفع 300 متر، ثم المنطاد الذي ارتفع إلى 3 كلم، ثم طائرات الحرب العالمية الأولى التي ارتفعت إلى 3 كلم، ثم طائرات الحرب العالمية الثانية التي ارتفعت إلى 6 كلم، ثم الطائرات النفاثة التي ارتفعت إلى 10-20 كلم، ثم الصواريخ التي ارتفعت إلى 400 كلم فما فوق حتى وصلنا القمر، ثم مكوك الفضاء، ثم تعدينا القمر للكواكب الأخرى عن طريق المسابير الفضائية حتى خرجنا من المجموعة الشمسية ».
    وأضاف هذا الباحث قائلاً:« والذين يزعمون أن المقصود بالطبقات هو أحوال الموت والحياة، أسألهم: هل ورد في القرآن الكريم لفظ ( طبق - طباق – أطباق ) إلا فيما يخص السماوات فقط ؟ ».
    والغريب في أمر هذا الباحث أنه ذهب إلى أن المراد بالسموات السبع التي ورد ذكرها في القرآن هو الغلاف الجوي بطبقاته السبع، وأن السماء الدنيا هي الطبقة الأولى من هذا الغلاف الذي يحفظ الأرض وسكانها من النيازك المدمرة والإشعاعات القاتلة القادمة إلينا من الشمس والكواكب الأخرى في الكون الفسيح. ولولا هذا الغلاف الجوي الذي يحفظ الأرض، لانعدمت الحياة على الأرض كما انعدمت على القمر. ويستشهد على ذلك بقوله تعالى:﴿ وَجَعَلْنَا السَّمَاء سَقْفاً مَّحْفُوظاً وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ ﴾(الأنبياء: 32). ثم يقول بعد هذا كله:« وباختراع الصواريخ ارتفع الإنسان إلى 400 كم، ثم نفذ من الغلاف الجوي بطبقاته السبع لكوكب الأرض، ثم سافر للقمر والكواكب الأخرى القريبة كالمريخ والزهرة، ثم تطور للمكوك الفضائي ذي المسافات الأبعد والاستخدامات المتعددة، وخرج المسبار بايونير 10 خارج المجموعة الشمسية بعد أن تعدى كوكب بلوتو. ثم يخطط العلماء لسفن فضائية أحدث تقلهم لنجوم أخرى ».
    ثالثًا- ومن قبل هؤلاء الباحثين الذين رأوا في الآية الكريمة سبقًا علميًّا إعجازيًا، ذهب الشيخ محمد أمين الشنقيطي في تفسيره ( أضواء البيان ) إلى عدم إمكانية الوصول إلى القمر، وأنكر قول القائلين به، ووصفهم بالجهل بكتاب الله سبحانه، وساق الأدلة على ذلك من آيات القرآن الكريم ؛ ومنها قول الله عز وجل:
    ﴿ وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ * وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ ﴾(الحجر: 16- 17).
    وتعقيبًا على الآية الثانية قال الشيخ الشنقيطي رحمه الله:« صرح تعالى في هذه الآية أنه حفظ السماء من كل شيطان رجيم، وبين هذا المعنى في مواضع أخر ؛ كقوله:﴿وَحِفْظاً مِّن كُلِّ شَيْطَانٍ مَّارِدٍ ﴾(الصافات: 7)، وقوله:﴿ وَجَعَلْنَاهَا رُجُوماً لِّلشَّيَاطِينِ ﴾(الملك: 5)، وقوله:﴿ فَمَن يَسْتَمِعِ الآن يَجِدْ لَهُ شِهَاباً رَّصَداً ﴾(الجن: 9)، وقوله:﴿ إِنَّهُمْ عَنِ السمع لَمَعْزُولُونَ ﴾(الشعراء: 212)، وقوله:﴿ أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُم بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ ﴾(الطور: 38).. إلى غير ذلك من الآيات ».
    ثم قال:« يؤخذ من هذه الآيات التي ذكرنا أن كل ما يتشدق به أصحاب الأقمار الصناعية، من أنهم سيصلون إلى السماء ويبنون على القمر كله كذب وشقشقة لا طائل تحتها. ومن اليقين الذي لا شك فيه أنهم سيقفون عند حدهم ويرجعون خاسئين أذلاء عاجزين ».
    ووجه دلالة الآيات المذكورة عنده على ما ذهب إليه أن اللسان العربي الذي نزل به القرآن يطلق اسم الشيطان على كل عات متمرد من الجن والإنس والدواب. ولا شك أن أصحاب الأقمار الصناعية يدخلون في اسم الشياطين دخولاً أولياً لعتوهم وتمردهم.. وانتهى من ذلك إلى القول:
    « وإذا علمت ذلك، فاعلم أنه تعالى صرح بحفظ السماء من كل شيطان كائنًا من كان، في عدة آيات من كتابه ؛ كقوله هنا:﴿ وَحَفِظْنَاهَا مِن كُلِّ شَيْطَانٍ رَّجِيمٍ ﴾(الحجر: 17)، وقوله:﴿ وَحِفْظاً ذَلِكَ تَقْدِيرُ العزيز العليم ﴾(فصلت: 12).. إلى غير ذلك من الآيات. وصرح بأن من أراد استراق السمع، أتبعه شهاب راصد في مواضع أخر ؛ كقوله:﴿فَمَن يَسْتَمِعِ الآن يَجِدْ لَهُ شِهَاباً رَّصَداً ﴾(الجن: 9)، وقوله:﴿ إِلاَّ مَنِ استرق السمع فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُّبِين ﴾(الحجر: 18)، وقوله:﴿ إِلاَّ مَنْ خَطِفَ الخطفة فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ ﴾(الصافات: 10)، وقال:﴿ إِنَّهُمْ عَنِ السمع لَمَعْزُولُونَ ﴾(الشعراء: 212)، وقال:﴿ أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُم بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ ﴾(الطور: 38) ؛ وهو تعجيز دال على عجز البشر عن ذلك عجزًا مطلقًا ».
    وأما بخصوص الآية التي نحن بصدد الحديث عنها فقال الشيخ الشنقيطي رحمه الله:« وكذلك ما يزعمه من لا علم عنده بمعنى كتاب الله جل وعلا أن الله تعالى أشار بقوله:﴿ لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَن طَبَقٍ ﴾(الانشقاق: 19) إلى أن أهل الأرض سيصعدون إلى السموات واحدة بعد أخرى، زاعمًا أن معنى الآية الكريمة: لتركبن أيها الناس طبقًا. أي: سماء عن طبق. أي: بعد سماء حتى تصعدوا فوق السموات، فهو أيضًا جهل بكتاب الله، وحمل له على غير ما يراد به ».
    وأضاف الشيخ الشنقيطي قائلاً: « اعلم أولاً أن في هذا الحرف قراءتين سبعيتين مشهورتين:
    إحداهما: ﴿ لَتَرْكَبَنَّ ﴾، بفتح الباء، وبها قرأ من السبعة: ابن كثير وحمزة والكسائي. وعلى هذه القراءة ففي فاعل ﴿ لَتَرْكَبَنَّ ﴾ ثلاثة أوجه معروفة عند العلماء:
    الأول: وهو أشهرها أن الفاعل ضمير الخطاب الواقع على النبي. أي: لتركبن أنت يا نبيَّ الله طبقًا عن طبق. أي: بعد طبق. حالاً بعد حال. أي: فترتقي في الدرجات درجة بعد درجة. وقال ابن مسعود والشعبي ومجاهد وابن عباس في إحدى الروايتين وال***ي وغيرهم:﴿ لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَن طَبَقٍ ﴾. أي: لتصعدن يا محمد سماء بعد سماء. وقد وقع ذلك ليلة الإسراء.
    والثاني: أن الفاعل ضمير السماء. أي: لتركبن هي. أي: سماء طبقًا. أي: لتنتقلن السماء من حال إلى حال. أي: تصير تارة كالدهان، وتارة كالمهل، وتارة تتشقق بالغمام، وتارة تطوى كطي السجل للكتب.
    والثالث: أن الفاعل ضمير يعود إلى الإنسان المذكور في قوله:﴿ يا أيها الإنسان إِنَّكَ كَادِحٌ إلى رَبِّكَ كَدْحاً ﴾(الانشقاق: 6) الآية. أي: لتركبن أيها الإنسان حالاً بعد حال، من صغر إلى كبر، ومن صحة إلى سقم كالعكس، ومن غنى إلى فقر كالعكس، ومن موت إلى حياة كالعكس، ومن هول من أهوال القيامة إلى آخر.. وهكذا.
    والقراءة الثانية: وبها قرأ من السبعة: نافع وابن عامر وأبو عمرو وعاصم:﴿ لَتَرْكَبُنَّ ﴾، بضم الباء، وهو خطاب عام للناس المذكورين في قوله:﴿ فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ ﴾(الانشقاق: 7)، إلى قوله:﴿ وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَآءَ ظَهْرِهِ ﴾(الانشقاق: 10) الآية. ومعنى الآية: لتركبن أيها الناس حالاً بعد حال، فتنتقلون في دار الدنيا من طور إلى طور، وفي الآخرة من هول إلى هول ».
    واستطرد الشيخ الشنقيطي رحمه الله قائلاً:« فإن قيل: يجوز بحسب وضع اللغة العربية التي نزل بها القرآن، على قراءة ضم الباء، أن يكون المعنى: لتركبُّن أيها الناس طبقًا بعد طبق. أي: سماء بعد سماء، حتى تصعدوا فوق السماء السابعة ؛ كما تقدم نظيره في قراءة فتح الباء، خطابًا للنبي صلى الله عليه وسلم، وإذا كان هذا جائزًا في لغة القرآن فما المانع من حمل الآية عليه ؟ فالجواب من ثلاثة أوجه:
    الأول: أن ظاهر القرآن يدل على أن المراد بالطبق الحالُ المتنقل إليها من موت ونحوه، وهول القيامة، بدليل قوله بعده مرتبًا له عليه بالفاء:﴿ فَمَا لَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ * وَإِذَا قُرِىءَ عَلَيْهِمُ القرآن لاَ يَسْجُدُونَ ﴾(الانشقاق: 20-21) ؛ فهو قرينة ظاهرة على أن المراد: إذا كانوا ينتقلون من حال إلى حال، ومن هول إلى هول، فما المانع لهم من أن يؤمنوا، ويستعدوا لتلك الشدائد ؟ ويؤيده أن العرب تسمي الدواهي: بناتِ طبق ؛ كما هو معروف في لغتهم.
    الوجه الثاني: أن الصحابة - رضي الله عنهم - هم المخاطبون الأولون بهذا الخطاب، وهم أولى الناس بالدخول فيه، بحسب الوضع العربي، ولم يركب أحد منهم سماء بعد سماء بإجماع المسلمين، فدل ذلك على أن ذلك ليس معنى الآية. ولو كان، لما خرج منه المخاطبون الأولون بلا قرينة على ذلك.
    الوجه الثالث: هو ما قدمنا من الآيات القرآنية المصرحة بحفظ السماء وحراستها من كل شيطان رجيم كائنًا من كان. فبهذا يتضح أن الآية الكريمة ليس فيها دليل على صعود أصحاب الأقمار الصناعية فوق السبع الطباق، والواقع المستقبل سيكشف حقيقة تلك الأكاذيب والمزاعم الباطلة ».
    رابعًا- وتعقيبًا على ذلك كله نقول:
    1- إذا كان لا يجوز حمل الآية، على قراءة:﴿ لَتَرْكَبُنَّ ﴾ بضم الباء، على معنى: لتركبُّن أيها الناس سماء بعد سماء، حتى تصعدوا فوق السماء السابعة، فكذلك لا يجوز حملها، على قراءة:﴿ لَتَرْكَبَنَّ ﴾ بفتح الباء، على معنى: لتصعدن يا محمد سماء بعد سماء، خلافًا لقائله ؛ لأن القراءتين متواترتان، ولا يجوز حمل إحداهن على معنى مناقض لمعنى الأخرى. وبالتالي لا يوجد في الآية، على القراءتين، دليل على صعود الإنسان إلى القمر، أو السموات السبع الطباق. وبيان ذلك:
    أن قوله تعالى:﴿ فَلَا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ * وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ * وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ * لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَن طَبَقٍ ﴾(16 - 19) جاء تفريعًا بالفاء على ما أجمل وفصل قبله في المقطع السابق ؛ وهو قوله تعالى:
    ﴿ يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ * فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ * فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا * وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا * وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ * فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُورًا * وَيَصْلَى سَعِيرًا * إِنَّهُ كَانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُورًا * إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ * بَلَى إِنَّ رَبَّهُ كَانَ بِهِ بَصِيرًا ﴾(6 - 15).
    وهو خطاب يشمل الإنسان المؤمن والكافر ؛ كما يؤذن به التقسيم بعده إلى:﴿ مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ ﴾، وهو المؤمن، و﴿ مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ ﴾، وهو الكافر. هذا الإنسان الذي يكدح في عمله طوال حياته ؛ إنما يكدح إلى لقاء ربه كدحًا. أي: يكدح إلى الموت وما بعده من أهوال يوم القيامة وشدائدها كدحًا، من غير صارف يلويه عن ذلك.
    فأما المؤمن فسوف يحاسب حسابًا هيِّنًا، وينقلب إلى أهله مسرورًا بما أعد الله تعالى له في الجنة من النعيم.. وأما الكافر فسوف يدعو ثبورًا، ويصلى سعيرًا ؛ إنه كان في أهله فرحًا بطرًا مترفًا، بما أعطي في الدنيا من النعيم، لا يعرف الله ولا يفكر في عاقبته، فلم يعمل شيئًا للآخرة، ظنًّا منه أن لن يرجع إلى ربه، ولن يتغير عن حاله، تكذيبًا منه بالمعاد والحساب والجزاء، ولم يخطر بباله أبدًا أن ربه الذي خلقه كان بصيرًا به وبأعماله، بحيث لا يخفى عنه منها خافية، فلا بدَّ من رجعه وحسابه عليها حسابًا عسيرًا، وجزائه بما يستحق من عقاب.
    هذا الإنسان الكافر الذي ظن أن لن يحور. أي: أن لن يبعث، هو المقصود الأول من هذا الوعيد الذي تضمنه هذا الخطاب ؛ لأنه هو الذي أنكر البعث وكذب به، بخلاف المؤمن. فالخطاب بالنسبة إلى المؤمن زيادة تذكير وتبشير، وهو بالنسبة إلى هذا الكافر زيادة للإنذار ؛ ولهذا جاء الرد عليه بقوله تعالى:﴿ بَلَى إِنَّ رَبَّهُ كَانَ بِهِ بَصِيرًا ﴾(15). أي: بلى ليحورنَّ. أي: ليبعثن ؛ فربه الذي خلقه كان بصيرًا به وبأعماله. ثم عقَّب سبحانه وتعالى على ذلك بقوله:
    ﴿ فَلَا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ * وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ * وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ * لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَن طَبَقٍ ﴾(16 - 19).
    ملوِّحًا بالقسم بهذه الظواهر الكونية التي تقع تحت حس هذا الإنسان على أن الناس ليركبن طبقًا عن طبق. أو أن الإنسان ليركبن طبقًا عن طبق. فعلى الأول يكون الخطاب لجنس الإنسان باعتبار شموله لأفراده، وهو المنادى أولاً بقوله تعالى:﴿ يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ ﴾(6). وعلى الثاني يكون الخطابِ للإنسانِ باعتبارِ لفظه.
    والفاء في قوله تعالى:﴿ فَلَا أُقْسِمُ ﴾- كما قال الألوسي- واقعة في جواب شرط مقدر. أي: إذا عرفت هذا. أو: إذا تحقق الحور بالبعث، فلا أقسم بالشفق.. ». ونظير ذلك قوله تعالى:
    ﴿ زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ ﴾(التغابن: 7).
    فقوله تعالى:﴿ زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا ﴾ كقوله تعالى:﴿ إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ ﴾. وقوله تعالى:﴿ قُلْ بَلَى ﴾ كقوله تعالى:﴿ بَلَى إِنَّ رَبَّهُ كَانَ بِهِ بَصِيرًا ﴾. وقوله تعالى:﴿ وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ ﴾ كقوله تعالى:﴿ فَلَا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ * وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ * وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ * لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَن طَبَقٍ ﴾.
    والمخاطب في الموضعين واحد، وهو الكافر المكذب بالبعث. والفرق بينهما هو فرق بين القسم، والتلويح بالقسم. فإذا علمت ذلك، تبين أنه لا يجوز حمل قوله تعالى:﴿لَتَرْكَبَنَّ طَبَقًا عَن طَبَقٍ ﴾ بفتح الباء، على أن المخاطب هو رسول الله صلى الله عليه وسلم. ويؤيد ذلك ما ذهب إليه بعضهم من أن المراد بالإنسان المخاطب بقوله تعالى:﴿ يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ ﴾(6) الأسود بن هلال المخزومي، جادل أخاه أبا سلمة في أمر البعث، فقال أبو سلمة: إي، والذي خلقك، لتركبن الطبقة، ولتوافين العقبة. فقال الأسود: فأين الأرض والسماء ؟ وما حال الناس ؟ لاحظ قوله:« لتركبن الطبقة، ولتوافين العقبة ».
    2- أما ( الركوب ) في قوله تعالى:﴿ لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَن طَبَقٍ ﴾ فالمراد به: الملاقاة والمعاناة. والعرب تعبر عن ملاقاة الأمور ومعاناتها بركوبها. والتعبير بركوب الأهوال والأخطار مألوف في اللسان العربي ؛ كقولهم:« إن المضطر يركب الصعب من الأمور » ؛ وكأن تلك الأهوال والأخطار مطايا يركبها الناس تنقلهم من حال إلى حال.
    وأما ( الطبق ) في اللغة فيطلق على كل غطاء لازم، ويجمع على: أطباق وأطبِقة. والطَّبَقُ أيضا من كل شيءٍ: ما ساواه. والطَّبَقُ: وجه الأرضِ، والذي يُؤْكَلُ عليه. وعَظْمٌ رقيق يفصل بين كل فَقارَيْنِ. والطَّبَقُ: الأمة بعد الأمة. والقَرْنُ من الزمان، أو عشرون سنة. والطَّبَقُ من الناس: الجماعةُ يعدلون جماعة مثلهم. والطَّبَقُ من المطر: العامُّ. ومن الليل والنهار معظمهما. والطَّبَقُ: سد الجراد عين الشمس. والطَّبَقُ: انطباق الغيم في الهواء. والطَّبَقُ: الدَّرَكُ من أدراك جهنم. والسموات طباقٌ، بعضها فوق بعض. الواحدة: طَبَقَةٌ، ويُذكَّر، فيقال: طَبَقٌ واحد. والطَّبَقُ: الشدة والمشقة. وبِنْتُ الطَّبَق: الداهية، والعَربُ تقولُ: وقَع فلانٌ في بَناتِ طَبَق: إذا وقَع في الأمر الشّديد. والطَّبَقُ والطَّبَقَةُ: الحال على اختلافها. يقال: كان فلان على أطباق وطبقات شتى من الدنيا. أي: على أحوال وحالات ؛ ومنه حديث عَمْرو بن العاص:« إنّي كُنتُ على أطْباقٍ ثلاث ». أي: أحْوال. وقول الأقرع بن حابس التميمي:
    إني امرؤ قد حلبت الدهر أشطره... وساقني طبق منها إلى طبق
    أي: ساقني حال منها إلى حال.
    وهذا القول الأخير في تفسير معنى الطبق هو أشهر الأقوال وأولاها، وعليه حمل الجمهور قوله تعالى:﴿ لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَن طَبَقٍ ﴾، والمعنى: لتُلاقُنَّ حالاً عن حال، كلُّ واحدة منها مطابقة لأختها في الشدةِ والفظاعةِ ». والأوفقُ للركوبِ المنبىءُ عن الاعتلاءِ على ما قيل: أن يكون طبق جمع: طبقة، وهي المرتبةُ، والمَعْنَى: لتركَبُنَّ أحوالاً عن أحوال، هي طبقاتٌ في الشدةِ، بعضُها أرفعُ من بعضٍ، وهي الموت وما بعده من مواطنِ القيامةِ ودواهيها. ويؤيد ذلك أن الغرض من تنكير ( طبق ) هو التعظيم والتهويل.
    ومن هنا يخطىء كل من حمل الركوب في الآية على حقيقته، ثم فسر الطبق فيها بغير ما فسره أئمة اللغة ؛ فركوب الطبق في الآية ليس كروب المركبة أو الطائرة ؛ كما أن قولك: ركب الصعب، ليس كقولك: ركب ال****. وقولك: ركب رأسه، ليس كقولك: ركب فرسه. والظاهر أن أولئك الذين زعموا أن في الآية إشارة أو دليلاً على الصعود إلى السموات السبع قد ركبوا رؤوسهم حين فسروا ركوب الطبق بركوب المركبة الفضائية.
    3- وأما ( عن ) في اللغة فتقتضي مجاوزة ما أضيفت إليه، وتفيد في نحو قولك: فعلت هذا عن أمرك، أن ما بعدها مصدر وسبب لما قبلها، فيكون المعنى: فعلته مجاوزًا أمرك وبسببه. أي: إن أمرك سببٌ لحصول فعلي. ونظير ذلك قولك: أطعمته عن جوع، معناه: أن الجوع سببٌ لحصول الإطعام ؛ ومن ذلك قوله تعالى:﴿ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ ﴾(الكهف: 50). أي: أتاه الفسق لما أمر فعصى، فكان سبب الفسق أمر ربه. ونحو ذلك قوله تعالى:﴿ لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَن طَبَقٍ ﴾. أي: لتركبن طبقًا مجاوزين طبقًا كنتم تركبونه، وفق ما هو مرسوم لكم من تقديرات وأحوال. فـ( عن ) هنا على بابها من دلالتها على المجاوزة، والجمهور على أنها للبعدية، وأن المعنى: لتركبن طبقًا بعد طبق ؛ كما في قول كعب بن زهير:
    كذلك المرء إن ينسأ له أجل... يركب على طبق من بعده طبق
    وحملها في الآية على معنى المجاوزة الذي هو حقيقة فيها أولى من حملها على معنى البعدية ؛ لأن المراد من قول كعب ( يركب على طبق من بعده طبق ): يركب حالاً من بعده حال في الدنيا. أما قوله تعالى:﴿ لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَن طَبَقٍ ﴾ فالمراد منه: لتركبن أحوالاً يوم القيامة، مجاوزين أحوالاً كنتم تركبونها في الدنيا.. والله تعالى أعلم بمراده.
    خامسًا- نخلص مما تقدم إلى أنه لو كان في قوله تعالى:﴿ لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَن طَبَقٍ ﴾ إشارة إلى إمكانية صعود الإنسان إلى القمر، أو دليل على صعود أصحاب الأقمار الصناعية فوق السبع الطباق، لكان كعب بن زهير في قوله السابق، والأقرع بن حابس التميمي في قوله:
    إني امرؤ قد حلبت الدهر أشطره... وساقني طبق منها إلى طبق
    وعَمْرو بن العاص في قوله:« إنّي كُنتُ على أطْباقٍ ثلاث »، من أوائل الرواد الذين جابوا الفضاء بمراكبهم الفضائية، وصعدوا إلى القمر وغيره من الكواكب، قبل أن توجد تلك المراكب.
    والسؤال الذي ينبغي الإجابة عنه هو: إن كان المراد بالسموات السبع التي ورد ذكرها في القرآن هو الغلاف الجوي بطبقاته السبع، وهو الذي يحفظ الأرض وسكانها من النيازك المدمرة والإشعاعات القاتلة القادمة إلينا من الشمس والكواكب الأخرى، وأن السماء الدنيا هي الطبقة الأولى من هذا الغلاف، فكيف استطاع الإنسان بمركبته الفضائية أن يخترق هذا الغلاف الجوي بطبقاته السبع وينفذ إلى ما وراءه، فيسافر إلى القمر والمريخ والزهرة وبلوتو ؟ كيف، والله سبحانه وتعالى يقول:﴿ وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُوماً لِّلشَّيَاطِينِ ﴾(الملك: 5)، ثم يقول سبحانه:﴿ وَجَعَلْنَا السَّمَاء سَقْفاً مَّحْفُوظاً ﴾(الأنبياء: 32) ؟
    وإن كان المراد بالسموات السبع الكواكب السبع السيارة، أو أفلاكها، فكيف استطاع هذا الإنسان أن يسافر إلى تلك الكواكب، والله سبحانه يقول:﴿ تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاء بُرُوجاً وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجاً وَقَمَراً مُّنِيراً ﴾(الفرقان: 61)، ثم يقول سبحانه:﴿ وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ * وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ * إِلاَّ مَنِ استرق السمع فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُّبِين ﴾(الحجر: 16- 18) ؟
    وإن سلمنا جدلاً بأن شياطين الإنس تفوقوا على شياطين الجن، واستطاعوا بقدرتهم الخارقة أن يخترقوا السموات ويسافروا بمراكبهم الفضائية إلى الكواكب، فكيف استطاعوا أن يؤمنوا الحماية لأنفسهم من الأخطار التي تحدق به من كل جانب وهم يجوبون الفضاء ؟
    وأختم بقول الله عز وجل:﴿ أََفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ﴾(محمد: 24) ؟ نسأله سبحانه أن يجعلنا من الذين يفقهون كلامه، ويدركون أسرار بيانه. والحمد لله رب العالمين.










  6. #36
    مراقب المضايف الاسلامية الصورة الرمزية ابو ضاري


    تاريخ التسجيل
    03 2007
    الدولة
    الجبي
    العمر
    45
    المشاركات
    15,733
    المشاركات
    15,733
    Blog Entries
    1


    الإحسان والسعادة
    لفت انتباهي نص عظيم في كتاب الله تبارك وتعالى يؤكد على أهمية الإنفاق والتصدق بشيء من المال على الفقراء والمحتاجين، ويؤكد الله في هذا النص الكريم على أن الذي ينفق أمواله في سبيل الله لا يخاف ولا يحزن، أي تتحقق له السعادة! يقول تبارك وتعالى: (مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِئَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ) [البقرة: 261-262].
    وهكذا آيات كثيرة تربط بين الصدقة وبين سعادة الإنسان في الدنيا والآخرة، ولكن البحث الذي صدر حديثاً ونشرته مجلة العلوم يؤكد على هذه الحقيقة القرآنية!!! فقد جاء في هذا الخبر العلمي على موقع بي بي سي أن الباحثين وجدوا علاقة بين الإنفاق وبين السعادة، وقد أحببتُ أن أنقل لكم النص حرفياً من موقعه ونعلق على كل جزء منه بآية كريمة أو حديث شريف:
    "يقول باحثون كنديون إن جني مبالغ طائلة من الأموال لا يجلب السعادة لإنسان، بل ما يعزز شعوره بالسعادة هو إنفاق المال على الآخرين. ويقول فريق الباحثين في جامعة بريتيش كولومبيا إن إنفاق أي مبلغ على الآخرين ولو كان خمسة دولارات فقط يبعث السعادة في النفس.
    إنهم يؤكدون أن الإنفاق ضروري ولو كان بمبلغ زهيد، أليس هذا ما أكده الحبيب الأعظم عندما قال: (اتقوا النار ولو بشق تمرة) أي بنصف تمرة!! أليس هذا ما أكده القرآن أيضاً بقوله تعالى: (لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آَتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آَتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا) [الطلاق: 7].
    ويضيف في البحث الذي نشر في مجلة "العلوم أو سينس" إن الموظفين الذين ينفقون جزءا من الحوافز التي يحصلون عليها كانوا أسعد من أولئك الذين لم يفعلوا ذلك. وأجرى الباحثون أولا دراسات على 630 شخصا طلب منهم أن يقدروا مبلغ سعادتهم، ودخلهم السنوي وتفصيلات بأوجه إنفاقهم أثناء الشهر بما في ذلك تسديد الفواتير وما يشترون لأنفسهم والهدايا للآخرين. وتقول البروفيسور إليزابيث دان التي ترأست الفريق "أردنا أن نختبر نظريتنا بأن كيفية إنفاق الناس لأموالهم هو على الأقل على نفس القدر من الأهمية ككيفية كسبهم لهذه الأموال". وتضيف "بغض النظر عن حجم الدخل الذي يحصل عليه الفرد فإن أولئك الذين أنفقوا أموالا على آخرين كانوا أكثر سعادة من أولئك الذين أنفقوا أكثر على أنفسهم.
    أحبتي! هذه نتائج أبحاثهم، وهذا ما أخبرنا به الله تعالى عندما ربط بين الإنفاق وبين التخلص من الخوف والحزن أي اكتساب السعادة: (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ) [البقرة: 274]. ويقول عز وجل: (هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ) [الرحمن: 60].
    ثم قام الفريق بعد ذلك بتقييم مدى سعادة 16 من العاملين في إحدى المؤسسات في بوسطن قبل وبعد تلقيهم حوافز من حصيلة الأرباح، والتي تراوحت بين 3 آلاف دولار و8 آلاف دولار. وبدا من النتائج أن مقدار الحوافز ليس هو المهم بل أوجه إنفاقها. فأولئك الذي أنفقوا قسما أكبر من حوافزهم على الآخرين أو تبرعوا بها قالوا إنهم استفادوا منها أكثر من أولئك الذي أنفقوا حوافزهم على احتياجاتهم.
    هذه النتيجة تجعلنا نعتقد أن الإنسان عندما ينفق المال فإنه لا يخسر ولا ينقص ماله بل يزيد!! أليس هذا ما أكده نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم عندما قال: (ما نقص مال من صدقة)؟ أي أنك مهما أنفقت من مالك فلن ينقص هذا المال بل سيزيد لأن هذا الإنفاق يعطيك شعوراً بالسعادة مما يتيح لك التفكير السليم في كيفية الحصول على المال بشكل أفضل!
    ولذلك فإن الله قد تعهد أن يضاعف لك المال الذي تنفقه، يقول تعالى (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) [البقرة: 245]. وربما قرأنا عن أغنى رجل في العالم "بيل غيتس" عندما قرر أن يتبرع بجزء كبير من ثروته يقدر بعشرات المليارات لأنه أحس أنه من الضروري أن يفعل ذلك ليحصل على السعادة!!!
    وفي تجربة أخرى أعطى الباحثون كل فرد من مجموعة تتألف من 46 شخصا مبلغ 5 دولارات أو 20 دولارا وطلبوا منهم إنفاقها بحلول الساعة الخامسة من مساء ذلك اليوم. وطلب من نصف المشاركين إنفاق ما أعطوا على أنفسهم فيما طلب من الباقين إنفاقه على غيرهم.
    قال الذين أنفقوا الأموال على غيرهم إنهم يشعرون بسعادة أكبر بنهاية اليوم من أولئك الذين أنفقوا الأموال على أنفسهم، بغض النظر عن قيمة المبلغ الذي أعطي لهم. وتقول دان: إن هذه الدراسة تعطي دليلا أوليا على أن كيفية إنفاق الناس لأموالهم قد تكون بنفس قدر أهمية كم يكسبون.
    وهنا نتذكر نبي الرحمة عليه الصلاة والسلام عندما تصدقت عائشة بشاة وأبقت له الكتف لأنه كان يحبه من الشاة الكتف، قالت له عائشة: ذهبت الشاة وبقي الكتف يا رسول الله، قال بل قولي: ذهب الكتف وبقيت الشاة!! فكان ما ينفقه أحب إليه مما يبقيه، وهذا سر من أسرار السعادة يكتشفه العلماء اليوم فقط!
    ويؤكد الباحثون اليوم أن من أهم أسباب كسب المال أن تنفق شيئاً من المال على من يحتاجه! وهذا يعني أن الإنفاق هو سبب من أسباب الرزق! وهذا ما أكده القرآن عندما ربط بين الإنفاق وبين الرزق الكريم، يقول تعالى: (الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ) [الأنفال: 3-4].
    تقول البروفيسور إليزابيث "قد يكون إنفاق المال على آخرين طريقا أشد فعالية لتحقيق السعادة من إنفاق المال على الشخص نفسه". ويقول الدكتور جورج فيلدمان أخصائي النفس في جامعة باكينغهام الجديدة "إن التبرع لأغراض الخير يجعلك تشعر أنك أفضل حالاً لأنك في مجموعة. إنه أيضا يجعل الناس ينظرون إليك باعتبارك مؤثراً للغير على النفس". ويضيف "فعلى الصعيد الشخصي إذا قدمت لك شيئا فهذا يقلل احتمال تعديك علي، ويزيد احتمال معاملتك لي بطريقة حسنة".
    ويضعون نصيحة مختصرة يقولون: "النصيحة ألا تكنز الأموال" وهنا نتذكر التحذير الإلهي: (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ) [التوبة: 34-35].
    إن الله جل وعلا، فرض علينا الزكاة، لأنه يريد لنا السعادة، بل وحذر من كنز الأموال وعدم إنفاقها في أبواب الخير والعلم، وربما يا أحبتي يكون أفضل أنواع الإنفاق في هذا العصر أن ننفق على العلم النافع لتصحيح نظرة الغرب للإسلام، من خلال الإنفاق على الأبحاث القرآنية التي تهدف لإظهار عظمة هذا الدين وعظمة نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم. وانظروا معي إلى هذه الآية الرائعة: (قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) [سبأ: 39].










  7. #37
    -


    تاريخ التسجيل
    06 2005
    المشاركات
    34,989
    المشاركات
    34,989
    Blog Entries
    78


    من اروع ماقرأت حول فضل الصدقة
    تلك هي العبادة الصامتة التي يمارسها العبد
    بينه وبين ربه فلا تدري يمينه ما أنفقت شماله
    جعلنا الله من المتصدقين ..
    وتقبل الله منك ومنا أبوضاري صالح الاعمال
    وجزاك خير الجزاء
    فلقد أضفت نوراً على نور ..
    حفظك الباري ورعاك



    هكذا هم الغرباء يأتون ويرحلون بـصمت ..!

  8. #38
    مراقب المضايف الاسلامية الصورة الرمزية ابو ضاري


    تاريخ التسجيل
    03 2007
    الدولة
    الجبي
    العمر
    45
    المشاركات
    15,733
    المشاركات
    15,733
    Blog Entries
    1


    أمواج البحر اللُّجي



    يقول الحق عز وجل في كتابة الكريم " أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُّجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ (النور :40)
    في هذه الآية الكريمة يصف الله البحر اللجي وصفاًدقيقا ينطبق تمام الانطباق مع الاكتشافات العلمية الحديثة التي ثبتت ونوقشت على جميع المستويات العلمية, فما هو البحر اللجي الذي تحدث عنه القران وكيف يتطابق وصفة مع أحدث الاكتشافات العلمية وذلك ليزداد المؤمنون إيمانا ويقيم الحجة على الكفار فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر
    الإعجاز العلمي في هذه الآية المباركة في إيجاز سريع
    يشَّبه المولى عز وجل الحالة التي يعيشها الكافر بظلمات تملئ قلبه وشبه هذه الظلمات بظلمات البحر اللجي التي سيتبين لنا بعد قليلة كما هو غارق في الظلمات ويعلوه أمواج أعلى من الجبال واضطرابات بحرية شديدة يا لها من صورة قاتمة لقلب الكافر الذي ينغمس في في عالم الكفر وربما ينتهي به الحال إلى الانتحار وأي مصير ينتظره !!
    عندما تمر أشعة الشمس بالسحاب فان السحاب يمتص جزء منها فيكون فوق البحار ظلام نسبى حيث تقل الكمية النافذة وما أن تصدم الأشعة بالأمواج السطحية البحرية ينعكس منها جزء وتمتص المياه الجزء المتبقي حتى يصل الجزء القليل إلى نوع من الأمواج تحت البحر العلوي يطلق علية العلماء الأمواج الداخلية فتقوم هذه الأمواج بامتصاص القدر اليسير المتبقي فتتحول المياه أسفل هذهالأمواج إلى حالة من الظلمة المخيفة وكما رأيت عزيزي القارئ فنحن عددنا ثلاث أنواع من الظلمات وهنا يكمن أيضا إعجاز آخر في استخدام كلمة ( ظلمات) في الآية في صيغة الجمع بدلا من المفرد وفى الآية.


    والآن إلى التفاصيل
    مقدمة تاريخية
    كما هو معلوم كان العلم البشرى محدوداًقديماًوكانت تسيطر عليهالخرافات والحكايات الخيالية المرعبة خاصة فيما يتعلق بالبحار والمحيطات حيث كانت لا تتوفر معلومات عن البحار والمحيطات ومن هذه الخرافات ما كان ما يحيط بالمياه الراكدة التي لا تستطيع السفن عبورها حيث كان الرومان في ذلك الوقت يعتقدون بوجود أسماك مصاصة لها تأثيرات سحرية على إيقاف حركة السفن، ورغم أن القدماء كانوا على علم بأن الرياح تؤثر على الأمواج والتيارات السطحية إلا أنه كان من الصعوبة بمكان معرفة شيء عن الحركات الداخلية في البحار.
    ويبين تاريخ العلوم أن الدراسات المتصلة بعلوم البحار وأعماقها لم تبدأ إلا في بداية القرن الثامن عشر عندما اخترعت الأجهزة المناسبة لمثل هذه الدراسات الدقيقة، ومن هذه الأجهزة التي استعملت لقياس عمق نفاذ الضوء في مياه المحيط هو "قرص سيتشي" (The Secchi disk)وهو عبارة عن قرص أبيض يتم إنزاله في الماء ليسجل العمق الذي تتعذر رؤيته كنقطة قياسية. ومع نهاية القرن التاسع عشر تم استخدام الوسائل التصويرية التي تم تطويرها خلال الثلاثينات من القرن العشرين، حيث استعملت الخلايا الكهروضوئية.



    الإعجاز العلمي في هذه الآية
    من الفيوضات العلمية في هذه الآية أن البحر اللجي يعلوه موج من فوقه موج أي هناك في ظاهر الآية القرآنية موجين يعلوا أحدهما الآخر.
    كل البشرية كانت تعلم إلى وقت قريب أنهلا يوجد في البحار إلا موج واحد ففي هذه الآية الكريمة حقيقة علمية عالية في الدقة لم تكن تخطر ببال الأولين حيث لم يكن لديهم من المعارف والمعدات وآلات التصويرما يتيح لهم الوصول إليها, إن الله تعالى يصف بحرا لجياًعميقاًويقول إن هذا البحر اللجي يغشاه أييعلوه موج وهذا ما أثبته التقدم العلمي حديثاً, ولكن لماذا قال الله تعالى من فوقه موج اى من فوق الموج الأول موج ثاني (وظلمات)؟
    علم البحار وتطابق حقائقه العلمية مع الآية
    يقول العلماء بأنة يوجد في كل بحر مكاناًعميقاًولجياًأي مياهه تزيد في ارتفاعها عن القاع 1000م وقد تصل إلى 2000م وهذه المنطقة هي التي وصفها القرآن بهذه الآية وكل منطقة أخرى لا علاقة بينها وبين الآية.
    كما يقول العلماء انه في هذا البحر العميق وعلى عمق 200م إلى خمسمائة متر يوجد موج داخلي وكأنك على سطح البحر تماماً, وهذا كان الاكتشاف الأول وقد وجد هذا الموج واكتشفه البحارة القدامى الاسكندينافيون وتتابعت الاكتشافات العلمية والدراسات البرية والبحرية والكونية وطبعاًكان من إحدى هذه الدارسات العلمية هي دراسة البحار على جميع المستويات. وإحدى هذه المستويات في الدراسة كانت دراسة تلك المنطقة البحرية العميقة التي وصفها القرآنبالبحر اللُّجي أي العميق.
    في الحقيقة لم يكن بالإمكان الغوص إلى تلك المناطق حيث يصل الضغط في بعض الأماكن إلى 600كيلو جرام على السنتيمتر الواحد إلا باستخدام غواصات متقدمة ومتينة وعلى درجة عالية جدا من التكنولوجيا الراقية الحديثة ومزوده بكاميرات التصوير التلفزيونية علاوة على استخدام الروبوت أيضا في هذا المجال .
    وبعد دراسة البحار وأعماقها دراسة مستفيضة, أتضح لهم أن البحر العميق والذي ذكره القرآنبلفظ " اللُّجي" ( أو كظلمات في بحرلجي) موجود في أسفل الموج الثاني (الذي سنتناوله بالتفصيل ) عن البحر الأول .
    بمعنى أن البحر العميق قسم قسمين إلى سطحي وسفلى ويفصل البحر الأول السفلى عن البحر العلوي " السطحي " موج كمثل هذا الموج السطحي الذي نراه بأعيننا ووجدوا أن البحر اللجي العميق السفلى المفصول عن البحر السطحي بموج يختلف عن البحر السطحي أو العلوي في كل شيء في الحرارة وفى الكثافة وفى نسبة الأملاح وفى الحياة المائية
    بحران منفصلان فما يعيش في البحر العلوي الذي له سطح نراه بأعيننا المجردة يختلف تماماًعما يعيش في البحر العميق اللجي, فحيوانات هذا غير حيوانات ذاك ومن فصائل مختلفة تماما عنها , فأي إنسان عاديأو حتى مجموعة من الناس لا يمكن أن يخطر ببالهم مجرد خاطر أن هناك بحران منفصلان في بحر واحد ولا يمكن أن نصدق أن هذا السطح من البحر الذي نراه تحته وعلى عمق (200:500) متر يوجد بحر ليس له علاقة ببحر السطح المرئي للعين.
    كيف تحدث الظلمات في البحر اللجي؟
    يجتاز ضوء الشمس ثلاثة موانع حتى ينعدم تماما في المنطقة التي تحت الموج اللجي وسوف نتناول كل مرحلة على حده:
    الظلمة الأولى أو العائق الأول لضوء الشمس والتي يتسبب فيها (السحاب ):
    إن الناظر للكرة الأرضية من طائرة تطير فوق السحاب سوف يرى أن السحاب سيغطى الكرة الأرضية سواء في الشتاء أو الصيف ولا توجد منطقة يمكن أن تنظر فيها إلى الكرة الأرضية.
    ماذا يعنى هذا؟ يعنيذلك أنك لو كنت تطير فوق السحاب فسوف ترى شمساً ساطعة ونوراًواضحاًولنفرض أن هذه الطائرة أرادت الطيران من تحت السحاب بين السحاب وسطح البحر فماذا ترى؟ ترى نفسك فجأة وقد أصبحت في منطقة مظلمة ظلاماًخفيفاًوقد ضاع النور الذي كنت تراه وأنت تطير فوق السحاب . يعنى هذا أن للمنطقة التي تقع تحت السحاب والموج السطحي للبحر ظلمة قليلا لعدم استطاعة الشمس الدخول بحرية إلى هذه المنطقة لوجود السحاب الذي يعتبر حاجزا قوياًلدخول أشعة الشمس الكاملة
    فكيف يكون السحاب السبب في الظلمة الأولى ؟
    ترسل الشمس أشعتها المكونة من موجات كهرومغناطيسية وأشعة الراديو والأشعة السينية, إلا أن الغالب عليها هو الضوء المرئي وكل من الأشعة تحت الحمراء والأشعة فوق البنفسجية‏,‏ بالإضافة إلى بعض الجسيمات الأولية المتسارعة مثل الإلكترونات‏,‏ وأغلب الأشعة فوق البنفسجية يردها إلى الخارج نطاق الأوزون‏.‏ وعند وصول بقية أشعة الشمس إلي الجزء السفلي من الغلاف الغازي للأرض فإن السحب تعكس وتشتت نحو‏30‏ % منها‏.‏ وتمتص السحب وما بها من بخار الماء وجزيئات الهواء وهباءات الغبار وغيرها من نوى التكثيف الأخرى حوالي‏19%‏ من تلك الأشعة الشمسية المارة من خلالها‏,‏ تحجب السحب بالانعكاس والتشتيت والامتصاص حوالي‏49‏ % من أشعة الشمس‏,‏ فتحدث قدراً من الظلمة النسبية‏.‏
    إذا نحن في طبقة الظلمات الأولى التي هي فوق الموج الثاني السطحي وأما ما تبقى من أشعة الشمس القليلة النافذة عبر السحاب فانه تحاول الدخول في البحر السطحي ولكنها تدخل بمستوى ضعيف يعكسها أيضا الموج المتحرك على سطح البحر.



    ماذا يحدث للضوء عندما يقابل سطح البحر والأمواج السطحية؟
    إن حوالي‏35‏ % من الأشعة تحت الحمراء تستهلك في تبخير الماء‏,‏ وتكوين السحب‏,‏ وفي عمليات التمثيل الضوئي‏.‏ التي تقوم بها النباتات البحرية‏.‏أما ما يصل إلي سطح البحار والمحيطات مما تبقى من الأشعة المرئية‏(‏ أو الضوء الأبيض‏).‏ فان الأمواج السطحية للبحار تعكس ‏5‏ % أخرى منها –وهذا هو السبب في لمعة سطع البحر,‏ فتحدث قدراً آخر من الظلمة النسبية في البحار والمحيطات‏.‏
    الجزء المرئي من أشعة الشمس الذي ينفذ إلي كتل الماء في البحار والمحيطات يتعرض لعمليات كثيرة من الانكسار‏,‏ والتحلل إلي الأطياف المختلفة والامتصاص بواسطة كل من جزيئات الماء‏,‏ وجزيئات الأملاح المذابة فيه‏,‏ وبواسطة المواد الصلبة العالقة به‏,‏ وبما يحيا فيه من مختلف صور الأحياء‏,‏ وبما تفرزه تلك الأحياء من مواد عضوية‏,‏ ولذلك يضعف الضوء المار في الماء بالتدريج مع العمق‏.

    ولكن كيف يحدث ذلك ( عملية امتصاص الضوء):
    على عمق لا يكاد يتجاوز عشرة أمتاريكون الطيف الأحمر هو أول ما يمتص من أطياف الضوء الأبيض ويتم امتصاصه بالكامل ولذلك إذا جرحت يد إنسان على هذا العمق فأنة لا يرى الدم
    ‏ثم على عمق لا يتجاوز الخمسين مترا يمتص الطيف البرتقالي ثم الطيف الأصفر والذي يتم امتصاصه بالكامل
    ثم على عمق مائة متر في المتوسط يمتص الطيف الأخضر والذي يتم امتصاصه بالكامل
    ثم على عمق يزيد قليلا على (200) متر يمتص الطيف الأزرق‏,‏ ولذلك يبدو ماء البحار والمحيطات باللون الأزرق لتشتت هذا الطيف من أطياف الضوء الأبيض في ألمائتي متر العليا من تلك الكتل المائية‏.‏
    فلو انك أتيت بكوب من الماء وسلطت علية الأشعة فانك ترى قاع الكوب منير, فإذا قمت بتحريك الكوب حتى يصير موجا متحركاً فانك ترى إن قاع الكوب أصبح اقل إنارة عندما كان السطح ثابتا غير متحرك, ويفهم من هذا إن البحر السطحي أيضا عكست عنة أشعة الشمس المتبقية من أشعة الشمس النافذة من خلال السحب لوجود الموج فأصبح البحر السطحي العلوي مظلما على اثر انعكاس الأشعة ودخولها بكمية قليليةجدا .








    وبذلك فإن معظم موجات الضوء المرئي تمتص على عمق مئة متر تقريباً من مستوى سطح الماء في البحار والمحيطات‏,‏ ويستمر‏1%‏ منها إلي عمق‏150‏ مترا‏,‏ و‏0,01‏ % إلي عمق‏200‏ متر في الماء الصافي الخالي من العوالق‏.‏
    وعلى الرغم من السرعة الفائقة للضوء‏(‏ حوالي‏300,000‏ كيلومتر في الثانية في الفراغ‏,‏ وحوالي‏225,000‏ كيلومتر في الثانية في الأوساط المائية‏),‏ فإنه لا يستطيع أن يستمر في ماء البحار والمحيطات لعمق يزيد علي الألف متر‏,‏ فبعد مائتي متر من أسطح تلك الأوساط المائية يبدأ الإظلام شبه الكامل حيث لا ينفذ بعد هذا العمق سوى أقل من‏0,01‏ % من ضوء الشمس‏,‏ ويظل هذا القدر الضئيل من الضوء المرئي يتعرض للانكسار والتشتت والامتصاص حتى يتلاشي تماماً على عمق لا يكاد يصل إلي كيلومتر واحد تحت مستوى سطح البحر‏.‏ حيث لا يبقى من أشعة الشمس الساقطة على ذلك السطح سوى واحد من عشرة تريليون جزء منها‏,‏ ولما كان متوسط أعماق المحيطات يقدر بنحو‏3795‏ مترا‏ً,‏ وأن أقصاها عمقاً يتجاوز الأحد عشر كيلومترا بقليل‏(11,034‏ متر‏)‏ وبين هذين الحدين تتراوح أعماق البحار والمحيطات بين أربعة وخمسة كيلومترات في المتوسط‏,‏ وبين ثمانية وعشرة كيلومترات في أكثرها عمقا‏.‏ فإن معني ذلك أن أعماق تلك المحيطات تغرق في ظلام دامس‏.‏
    إذا البحر السطحي الذي يعلوه الموج الذي هو على السطح ونراه بأعيننا والذي يصل عمقه من (200-500م) أصبح مظلما ولكن ليس بالظلام الحالك, وذلك لدخول بعض الأشعة النافذة من سطحه. وهذه الأشعة القليلة النافذة والموجودة في البحر السطحي لابد لها من الانتشار على قلتها فتعمل على الدخول عبر الموج الذي يعلو سطح البحر اللجي ولكنها تصدم بحاجزين يمنعاها من الدخول تماما.

    الحاجز الثالث ( ألأمواج الداخلية ) حيث يمتص ما تبقى من القدر اليسير من الضوء
    كيف تتكون الأمواج الداخلية
    تلعب الكثافة دوراً هاماً في تكوين هذا النوع من الأمواج حيث تختلف كثافة الماء في البحار العميقة والمحيطات باختلاف كل من درجة حرارته‏,‏ ونسبة الأملاح المذابة فيه‏,‏ حيث تلعب درجة الحرارة وكمية الأملاح المذابة (معظمها كلوريد الصوديوم) دوراً هاماً في وجود هذهالأمواج الداخلية علاوة على تأثير قوى المد والجزر وفي تأثير الرياح و تقلباتالضغط ,ويلعب المناخ دوراًهاماً في تمييز هذه الأمواج أفقياً بينما تلعب الكثافة بتمييزها أفقيا فعندما تسافر الأمواج أو تتحرك في مساحات شاسعة بين خطوط عرض مختلفة فإنها تكتسب صفات طبيعية جديدة نظراً لتغير المناخ في تلك المساحة, فتكتسب درجات حرارة جديدة وملوحة نتيجة اختلاف معدلات ارتفاع درجات حرارتها أو انخفاضها ومعدلات البخر وكذلك معدلات سقوط الأمطار وهذا يؤدي بها إلى التحرك رأسيا وتمايز الماء في البحار العميقة والمحيطات إلى كتل سطحية‏,‏ وكتل متوسطة‏,‏ وكتل شبه قطبية‏,‏ وكتل حول قطبية ولا يتمايز الماء إلى تلك الكتل إلا في البحار شديدة العمق‏,‏ ومن هنا فإن الأمواج الداخلية لا تتكون إلا في مثل تلك البحار العميقة‏,‏ ومن هنا أيضا كان التحديد القرآني بالوصف بحر لجي إعجازا غير مسبوق‏.‏وتتكون الأمواج الداخلية عند الحدود الفاصلة بين كل كتلتين مائيتين مختلفتين في الكثافة‏,‏ وهي أمواج ذات أطوال وارتفاعات تفوق أطوال وارتفاعات الأمواج السطحية بمعدلات كبيرة‏,‏ حيث تتراوح أطوالها بين عشرات ومئات الكيلومترات‏,‏ وتصل سعتها‏(‏ أي ارتفاع الموجة‏)‏ إلي مائتي متر‏,‏ وتتحرك بسرعات تتراوح بين‏ 5 ـ 100‏ سنتيمتر في الثانية لمدد تتراوح بين أربع دقائق وخمس وعشرين ساعة كذلك يبدأ تكون الأمواج الداخلية علي عمق‏40‏ متراً تقريبا من مستوى سطح الماء في المحيطات حيث تبدأ صفات الماء فجأة في التغير من حيث كثافتها ودرجة حرارتها‏,‏ وقد تتكرر علي أعماق أخري كلما تكرر التباين بين كتل الماء في الكثافة‏,‏ وعجز الإنسان في زمن الوحي ولقرون متطاولة من بعده عن الغوص إلي هذا العمق الذي يحتاج إلي أجهزة مساعدة خاصة مما يقطع بإعجاز علمي في هذه الآية الكريمة بإشارتها إلي تلك الأمواج الداخلية‏,‏ وهي أمواج لم يدركها الإنسان إلا في مطلع القرن العشرين‏(‏ سنة‏1904‏ م‏).‏
    كيف تعمل الأمواج الداخلية كحاجز أخير للضوء
    نستنتج إن سطح الماء إن كان ثابتا غير متحرك فهو يساعد على نفاذ الضوء الأشعة, ولكن إن كان له حركة كحركة الأمواج فإنهيعوق الأشعة في الدخول والنفاذ ولا يدخلها منها إلا القليل كما حدث في البحر السطحي فإن الموجة تأثر كثيراً فما نفذ منها إلا القليل من أشعة الشمس وهذه الأشعة القليلة جدا النافذة عبر البحر السطحي ليس لها من القدرة في النفاذ والدخول للبحر اللجي السفلى بسبب الأمواج الداخلية التي تعلوا البحر الثاني المضطرب اضطرابا شديداًأضف إلى ذلك الكميات الهائلة من الأسماك التي تعلوا هذا الموج لمحاولة النفاذ إلى البحر اللجي وبذلك فإن البحر اللجي تنعدم فيه أي أشعة أو ضوء ولو بمقدار 1 % لوجود الحاجزين المانعين وبذلك فإنالبحر اللُّجي غارق في ظلام كامل كما بين الحق سبحانه وتعالى.
    يقول الحق سبحانه وتعالى ( ظلمات بعضها فوق بعض ) فهذه الظلمات جمع وليس مثنى أو ظلمة واحدة :
    1-ظلام البحر اللجي الكامل المطلق
    2-ظلام البحر السطحي شبة الكامل
    3-ظلام البحر الواقع بين السحاب وسطح البحر الثاني الذي هو على السطح
    فأنت إذا أمام ثلاث ظلمات شديدة حالكة تختلف بالنسبة والدرجة ولكنها ثلاثة ظلمات بعضها فوق بعض , كما وصف القران الكريم لمنتهى الدقة وربك يخلق ما يشاء.

    الحياة داخل البحار العميقة

    في الواقع إن من تابع هذا المقال من البداية يجد نفسه وقد استحال علية التصديق بوجود أي نوع من الحياة في هذه الأعماق السحيقة ولكن الحقيقة غير ذلك فإذا كان البحر يموج بالأمواج فانه أيضا يموج أيضا بالحياة وعند التفكر في الآية مرة أخرى نجد أن هناك إعجازاً علمياً آخر غير الظلمات الثلاثة التي يسببها السحاب والموج السطحي والموج الداخلي والبحر اللجي فيا ترى ما هو الإعجاز الآخر ؟
    إن تتمة هذه الآية الكريمة تقول " ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور " فما له من نور فإذا كانت الآية تتحدث عن ظلمات البحر وخصوصا ظلمات البحر اللجي فان ما سوف يفهمه الإنسان هو الظلام الدامس إلا أن هناك ربط بين الآية وهذا الشطر بالذات فطالما أن الآية تتحدث عن الظلمات فما العلاقة بين الظلمات ثم التحول إلى ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور. إن ما تعنيه الآية هو إشارة لطيفة إلى اسماك الأعماق السحيقة و حيث ينعدم ضوء الشمس حيث زود الله هذه المخلوقات بالنور فلكل جعل الله له شمسا خاصة به حيث كشف العلم أن البحار والمحيطات العميقة تعج بالكائنات المضيئة التي زودها الله بالنور وهذا إعجاز علمي آخر.
    نعم, في هذا الخضم الهائل والخطورة المتناهية والاضطرابات الفائقة وانعدام الضوء الذي يعتبر أساس الحياة لا يمكن أن يتصور إنسان أن يكون هناك حياة بأي معنى ولكن قدرة الله وعظمة تدبيره تفوق الوصف فسبحانه لا تحده الكلمات ولا يصفه الواصفون ولا يعرفه العارفون خابت كل التصورات عن تحديد عظمتك بالكلمات.
    كيف تولد الأسماك الضوء
    الأسماك التي تعيش في الأعماق السحيقة من المحيطات المظلمة زودها الخالق عز وجل بمقدرتها على توليد الضوء البارد بطريقة لا يملك الإنسان إلا أن يسجد أمام عظمة خالقه، ويسمى هذا الضوء علميا بالضوء البارد أي الضوء الذي لا يصاحبه توليدأي حرارة، وذلك بواسطة أعضاء خاصة تدعى «حاملات الضوء»، وهذه الأعضاء عبارة عنمصابيح صغيرة بسيطة التركيب، لكنها على درجة عالية من الكفاءة، حيث تتركب من قرنيةشفافة تتلوها عدسة، ثم عاكس مقعر عبارة عن نسيج خاص يقابل شبكية العين هو المسئولعن توليد الضوء، كما تقوم القرنية والعدسة بتجميع هذا الضوء قبل أن ينبثق خارج جسمالسمكة.
    وتختلف أعضاء الإضاءة في هذه الأسماك من حيث العدد والتوزيع والتعقيد. وغالبا ما توجد على جانبي الحيوان، أو على بطنه، أو رأسه، ونادراً على سطحه العلوي. وتعتبر قدرة هذه الأسماك على توليد الضوء إحدى عجائب خلق الله في الطبيعة. وقد يكونهذا الضوء باهتا يصدر بشكل متقطع من وقت لآخر، أو قد يكون مبهراً مستمراً. وتعيشهذه الأسماك على أعماق تتفاوت من 1000 إلى 4000 متر تحت سطح البحر، ولذلك يطلقعليها. أسماك الأعماق أو أسماك القاع.

    مئات المعامل الكيمائية على جسم السمكة
    ويطلق العلماء على ظاهرة الإضاءة التي تستخدمها الأسماك ظاهرة الإضاءة الحيوية(Bioluminescence) وهذه الظاهرة تحدث داخل أجسام بعض الكائنات الحية مثل الأسماكوالتي تعيش داخل المياه المالحة ولا تحدث في المياه العذبة ونادرة الحدوث على الأرضفهي تحدث فقط في نوع من الخنافس وبعض أنواع البكتيريا والفطريات.
    كيف تحدثهذه الظاهرة ؟؟؟:-

    تحدث هذه الظاهرة نتيجة بعض التفاعلات الكيمائية في جسم الكائن حيث تتحول الطاقة الناتجة من التفاعل إلى نور ولكي تتم هذه العملية فان الخالق عز وجل قد أنعم على هذه الكائنات ب:
    1-نوع من الصبغيات يطلق علية علميا ( Luciferi
    2- إنزيم يسمى إنزيم (Luciferase)والذي يعمل كمادة محفزة تساعد على إتمام التفاعلداخل أجسام الأسماك بالإضافة إلى وجود الأكسجين ومصدر للطاقة وهو مركب يسمى( ثالثفوسفات الادينوسين (ATB)مما يؤدى إلى إنتاج مادة تسمى (Oxyluciferenوينبعث الضوء عند حدوث هذه التفاعلات
    حيثيمكن تمثيل هذا التفاعل بالمعادلة التالية :

    [A] + [b] → [◊ عامل محفز ] → [Products] +light

    وتتواجد هذه المواد الكيمائية بصورة دائما داخل تراكيب تسمى الحوامل الضوئية (photophores)وتتوزع هذه الحوامل في أماكن معينة حسب إرادة الخالق لكل نوع من هذه الأسماك حيث يحدث هذا النوع من التفاعل داخلها.




    وما كان ربك نسياً
    هناك أنواع أخرى من هذه الكائنات لا تملك هذه الحوامل فينعم الله عليها بان يجعل نوع من البكتريا المضيئة بذات الطريقة تتعايش معها على سطحها أو بين ثنايا الجلد فينبعث منها الضوء فترى السمكة نتيجة الضوء المنبعث من البكتريا والفطريات.
    ما لون الضوء المنبعث من ظاهرة الإضاءة الحيوية التي تستخدمها هذه الكائنات ؟؟:-
    إن اللون المنبعثيكون إما ازرق أو ازرق مخضر وذلك لسببين هما:-
    ـ أن اللون الأزرق والأزرقالمخضر يسافر لمسافات طويلة داخل مياه البحار المالحة والمحيطات.

    ـ أن الأسماكحساسة لهذه الألوان فتستطيع رؤيتها بسهولة في الماء.
    ونجد في بعض أنواع السمكينبعث منها ضوء احمر طوله الموجي طويل جدا فلا تراه باقي الأسماك وبهذا فهي ترىالأسماك الأخرى وهم لا يستطيعون رؤيتها فتستخدم هذه الخاصية في افتراس غيرها منالأسماك أو تستخدمها كلغة إشارة بين بعضها البعض.
    ولكن هل هناك وظائف أخرى لهذا الضوء

    1- تستخدم بعض الأسماك هذا الضوء في جذب فرائسها ثم تقوم بإمساكها بفكها وتلتهمها
    2-تستخدم الضوء كوسيلة تخويف وتشويش لباقي الأسماك التي تخاف من هذا الضوءالمتوهج وتبتعد عنها
    3- تستخدم هذا الضوء ككشافات ترى بها الطحالب والكائناتالدقيقة والتي تتغذى عليها العديد من اسماك المحيطات الصغيرة.
    4-تستخدم الضوءكلغة إشارة بين أفراد النوع الواحد فهم يستخدموا إشارات ضوئية فيما بينهم لايعرفها احد غيرهم
    5-البعض الأخر يستخدم الضوء كشفرات بين الذكور والإناث أثناءموسم التزاوج
    فنجد بعض أنواع إناث الأسماك ينبعث منها أضواء ملونة من أماكنمختلفة على أجسامها فتصبح مثل الطاووس في روعتها وجمالها فتجذب الذكور إليها أثناءموسم التزاوج والغريب أن هذه الأضواء المبهرة لا يراها إلا الذكور التابعة لنفس نوعالإناث أما أنواع الذكور الأخرى فلا تراها.
    ومن أشهر أنواع هذه الأسماك :

    1- سمكة المصباح: Lantern fish
    تعيش في المحيطات على أعماق سحيقة (( 1200- 3000 قدم ولكنها تقترب من السطح أثناء الليل بحثا عن الغذاء وتحمل مجموعة منالحوامل الضوئية المركزة أسفل الرأس وعلى سطحها البطن والضوء المنبعث لونه ازرقمخضر وتستخدمه السمكة لجذب فرائسها من السمك.

    2- سمكة الفأس: Hatchet fish

    تعيش أيضا على أعماق كبيرة وتحمل الحوامل الضوئية على سطحها البطنيوينبعث منهاإضاءة شديدة تعمل ككشافات تشوش باقي الأسماك فتبتعد عنها ولا تفترسها فهذا الضوء هووسيلة الدفاع الوحيدة للسمكة.
    3- سمكة الثعبان: Viper fish
    توجد على أعماقمن 80-1600 م تحت سطح الماء ويوجد على زعنفتها الظهرية حوامل ضوئية تنتج ضوء مبهريعمل على جذب الأسماك الأخرى ثم تقوم بالهجوم والتغذية عليها.
    4- سمكة التنين:Dragon fish

    وهذه السمكة لا يوجد بها حوامل ضوئية ولكن أجسامها تحمل مجموعة منالبكتيريا في منطقتين على جسمها:
    المنطقة الأولى: بجانب العين وتعطى الضوءالعادي الأزرق المخضر والذي تستخدمه في جذب فرائسها
    المنطقة الثانية: أسفلالرأس وينبعث منها ضوء لونه احمر لا يراه أحدا من الأنواع الأخرى من الأسماك كما أنالعين البشرية لا تستطيع رؤيته لأنه ذو طول موجي طويل يصل إلى 700 نانوميتر وتستخدمهذا الضوء الأحمر كلغة إشارة بين بعضها البعض دون أن يلاحظها احد من الأسماكالأخرى.
    قال تعالى: (هذا خلق الله فاروني ماذا خلق الذين من دونه بلالظالمون في ضلال مبين)لقمان:11
    سبحان الله الذي أتقن كل شيء خلقه قال تعالى: ( صنع الله الذي أتقن كل شيء) ( النحل:88)
    رحلة في البحار العميقة لمعرفة قدرة الخالق عز وجل:

    وصدق الله العظيم إذ يقول:
    (بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُن لَّهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) [الأنعام : 101]
    عودة إلى الآية
    يلفت المولى عز وجل أنظارنا إلى الحالة التي يعيشها الكافر ويشبهها بالبحر اللُّجى الغارق في الظلام وهى صورة قاتمة تجعلنا نستعيذ بالله من الكفر ونسأله أن يثبتنا على الإيمان ولا شك أن الكفر في أيامنا هذه تقف من ورائه مدلولات نظرية التطور التي ثبت خيبنها وتم تفنيد معظم بنودها علميا علاوة على المذاهب والايدولوجيات التي اتخذت من هذه النظرية أساسا تبنى علية اتجاهاتها فمان كان إلا التخبط والحيرة والشك وانعدام الوزن ونشؤ مجموعة من الفلسفات لكي تحل محل الدين ولكن هيهيات هيهيات مزيد من الضياع والحيرة والتخبط وذلك إن كل هذه الفلسفات هي في مجملها ضد الدين الذي فطر الله علية الإنسان .
    أن القران الكريم وهذا الدين العظيم الذي تفضل الله بة على البشرية يحمل بين طياته أقوى الأدلة على إلوهية مصدره ولا أكون مبالغا إذا قلت أن كل الأديان السابقة على الرغم ما بها من تحريف تدين إلى هذا الدين العظيم بالفضل الكبير فلولا اعتراف الدين الاسلامى بها بل جعل هذه الحقيقة من أهم مبادئ الإيمان لسار الشك في إلوهية مصادر هذه الأديان كالنار في الهشيم . أن مراجعة بسيطة لظنون العلماء الذين كانت نشأتهم في وسط مسيحي سيبين لنا أسباب موجات الكفر في هذه المجتمعات فيقول فريدرك نيتشة(Friedrich Nietzche ) "إن الإيمان المسيحي معناه الانتحار المتواصل للعقل البشرى " وعلى الرغم من أنه قد نشأ في أسرة أكليركية إلا إننا نجدة يقول " إن الآله قد مات وسيظل ميتا ونحن الذين قتلناه " - تعالى الله علوا كبيرا – وبطبيعة الحال أدى هذا الفكر إلى عصر العدمية ( Nihilism ) وبذلك لم يعد لهذا الإنسان إلا ذاته وأننا نعيش في عالم عبثي لا معقول ليس فيه اله وبطبيعة الحال العبثية ليس لها مكان في حياة المؤمن حيث يقول الحق سبحانه وتعالى ( أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وانك إلينا لا ترجعون * فتعالى الله الملك الحق لا اله إلا هو رب العرش الكريم * يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم الذي خلقك فسواك فعدلك ".
    في الواقع إذا ناقشنا مسألة الدين والعلم نجد تطابقا رائعا بين العلم ومسلمات القران فلا وجود لتناقض بين العلم والدين الاسلامى فالعلم يشهد للدين ولذلك لم نجد في ديانة أخرى مثل ما في الإسلام من حض وتشجيع للعلم فكانت أول آية أنزلت تبدأ (أقرأ) ويقول الرسول محمد (طلب العلم فريضة على كل مسلم ) وهناك آيات وأحاديث كثيرة تحض على العلم وطلبة فالدين الاسلامى في هذا الِشأن هو دين العلم وإذا كان الإعجاز القرآني متجدد فيمكننا أن نقول أن محمد أيد بالعلم فمعجزته هي العلم وعلى النقيض من هذا نجدا تخوفا كبيرا بين علماء المسيحية واليهودية من إقران العلم بالدين فيقول فرنسيس بيكون في التقرير الذي رفعة إلى الملك جيمس عن كيفية إصلاح التعليم العامة " يجب الحفاظ على هوة عميقة بين العلوم الطبيعية من جهة وبين الدين واللاهوت من جهة أخرى " ويقول آخر " كلنا تقدم العلم تأخر العلم إلى الوراء أما الفيلسوف الانجليزي المادي توماس هوبز (Hoppes)كان يرى أن الدين ليس من أمور الفكر وإنما هو أمر من أمور الاعتقاد .....ولا يجوز الخلط بين العقيدة والعقل فحيث ينتهي العقل تنتهي العقيدة وحيث ينتهي العلم يبدأ الإيمان وهكذا كان يرى هوبز أن الدين والعقل لا يجتمعان ويأتي الفيلسوف الألماني فيرباخ : Feuerebach في هجومه على المسيحية فيذهب إلى أن الشيء الحقيقي ليس الله , ولا الوجود وإنما هي المعطيات الحسية فقط . ويضع فرباخ ما يسمى بدين إنسان مكان الدين المسيحي ويقول أن الشيء الإنساني هو الشيء الالهى وهو بذلك يتبنى نزعة الحادية بحتة وذلك ناتج عن التناقض الفكري والعلمي الذي تمتلئ بة الكتب المقدسة اليهودية والمسيحية.
    ومازلنا في رحلتنا في –أعاذنا الله منة - ظلمات الكفر نستوضح أسباب الكفر الذي أصاب البشرية في العهود السابقة واللاحقة فها هي فلسفة سارتر ....بعبثيتها ولليس للموت في ذاته عند سارتر أهمية خاصة ....فقط أنة العبث الأخير, وهو لا يقل عيثا عن الحياة بذاتها فالموت يظهر عند سارتر في الفلسفة الوجودية :" جزء من الصفقة" الحياة والموت على حد تعبيره ولكن ماذا يحدث عندما تحين ساعة رحيل المرء الكافر من هذه الحياة ؟ أو ماذا يحدث عندما يواجه الإنسان الملحد الموت فعلا ويصبح في لحظاته الأخيرة ؟ إننا لا نرى إلا الفزع يغلفه ويحيط به من كل جانب .....!!! انه يدرك في تلك اللحظة الأخيرة _بشعور فطرى _ بأنة لم يحقق الغايات من خلقة وها قد دنت اللحظة الأخيرة لمواجهة الحقيقة الكاملة وجها لوجه ...ويحاول ذلك الإنسان النجاة ....النجاة بأي شكل من الأشكال وبأي ثمن ....ولكن إلى أين يذهب ؟...........حيث يقول المولى له ومن هم على شاكلته
    "فأين تذهبون (26) إن هو إلا ذكر للعالمين (27) لمن شاء منكم أن يستقيم "
    وتتلاشى الفلسفات وتاريخ العظمة والكبرياء, وتمر أحداث قصة حياة الإنسان في لحظات أمام عينة ليدرك أنة قد أمضى حياته في سفسطة كلامية وتعالى على الحقيقة بدلا من إخلاص النية لله .
    وتأتى لحظة الموت لسارتر الذي ضل وأضل بفكرة الملايين فيفزع فزعا شديدا فيطلب من رفيقة حياته في ألم أن تحضر له قس .....( لعلة يجد فيه راحة وقد بدت له ملائكة الموت ) فتستغرب زوجته من هذا الشيء الذي ظل يناهضه طوال الحياة فتقول له ( سات هل لك في كاردينالا حيث لازال جنون الكبرياء يسيطر عليها ) ولكنة يرى ضلال المسيحية في هؤلاء فيقول لها إن الكاردينال غشاش لله ويطلب قس مسكينا مغمورا في قرية مغمورة متناسيا أن لا فرق بين الاثنين فمعتقداتهم واحدة ويأتي القس فيعترف له بهزيمته أمام الموت ولعلها إرادة الله التي احدث هذا الموقف حتى يفضح هؤلاء وزيف معتقداتهم ولكن بعد فوات الأوان
    ويسجل المولى عز وجل اللحظة التي يعاين فيها الكافر الموت وسكراته في الآية الكريمة التالية:
    ( وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلآئِكَةُ بَاسِطُواْ أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُواْ أَنفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ)( الأنعام :93).
    لقد تمكن الشيطان من إسقاط الإنسان في غياهب الظلام ,يساعده في ذلك شياطين الإنس فرحل الدين فالدين والكفر كالنور والظلام ضدان لا يجتمعان في مكان واحد وأصبح المكان فارغا وبحثا عن بديل يسد الفراغ قام علماء الكلمة بإنشاء فلسفات ظاهرها منمق ولكن جوهرها الظلام فمعظمها تنصب على الجانب المادي والمنفى بل ووجدت من يدافع عنها ويحارب من أجلها ويهدم المساجد قبل الدين فذهبت أرواح وأما التي بقيت فأرغمت على اعتناق هذه الفلسفات وسيظل السؤال الحائر من المسؤول عن هزيمة الدين في مواجهة العلم والحق يقال أن الدين ما هزم أبداً ولكن الذين هزموه هم من كانوا يقومون على رعايته فأدخلوا ما لم ينزل الله به من سلطان في هذه الأديان بل وذهب بهم الجهل إلى إدخال الخرافات بين نصوص الدين وغيروا من صفات الله فهو في كتبهم عاجز أحيانا وينسى أحيان ويندم أحيانا بل ويجلس إلى الأحبار كي يتعلم منهم ثم جعلوه ضعيفا لا يقوى على أن يدافع عن نفسه فيصلب ويقتل بل وأصبحت القدرات البشرية (الأنبياء) شخصيات ناقصة فهي تخون وتزني (حتى زنا المحارم) هذه هي صورة الدين المسيحي واليهودي لا يمتلك الآليات التي يمكن بها أن يدافع عن نفسه ضد موجات إنكار الله ولذلك نقول لم يعد على الساحة الآن سوى الإسلام يمتلك من آليات الدفاع ضد موجات الإلحاد ما يقتلها في مهدها وصدق رسول الله بقولة" إن الشيطان قد يئس أن يعبد في أرضكم هذه " ويمتلك من النصوص التي تصور الله وتقرب صورة عظمته إلى العقول ويمكن أن تدرك جزء من هذا العظمة بقراءة أسماء الله الحسنى وتدبر القران وما عليك أن تؤمن ثم تسجد لله ( فأسجد وأقترب ) كما أنة يعطى صورة صادقة عن أنبياء الله فيجد الإنسان القدوة التي يمكن أن يقتدي بها وفى رسول الإسلام الأسوة الحسنة في كل شيء وذات مرة تسأل السيدة عائشة عن خُلق النبي فتقول في عبارة موجزة ( كان خُلقه القرآن ) ويا لها من عبارة صادقة فكانت حياته تفسير عملي للقران .
    إلى كل من ينكر وجود الله والى كل من ينكر معجزة القران :

    يا أيها ألإنسان ما قدر مكسبك إن كسبت الدنيا وخسرت الله ؟


    وما قدر مكسبك إن خسرت الدنيا وكسبت الله ؟


    لسوف يقضى على هذه الحضارة بدون الإيمان بالله


    ولسوف تنتهي قصة حياة الإنسان نهاية مظلمة إن لم يؤمن بالله


    ولسوف يتهدم الكيان البشرى دون الأيمان بالله


    سوف تعم الفوضى في كل مكان دون الإيمان بالله


    ولسوف ينحط الإنسان إلى درجة من الحيوانية بدون الإيمان بالله


    وأي عبثية تلك التي تنتظر الإنسان إن لم يؤمن بالله


    كم من نفس هلكت دون أن ترى النور


    فأي مصير ينتظرك يا من ترفض نداء الفطرة بداخلك










  9. #39
    -


    تاريخ التسجيل
    06 2005
    المشاركات
    34,989
    المشاركات
    34,989
    Blog Entries
    78


    الاصغاء لنداء الفطرة في داخل كل مخلوق
    ارشاد لدرب أوحد
    درب أن لا اله الا الله ..
    خالق الكون و عالم مافي الارحام وينزل الغيث ...
    سبحان الله ..
    كل مرة اضيف لمعلوماتي معلومات قيمة أخرى
    شكراً لك اخي الفاضل
    وجزاك خير جزاءه
    وأفاض عليك المزيد من أنوار الهداية و العلم



    هكذا هم الغرباء يأتون ويرحلون بـصمت ..!

  10. #40
    مراقب المضايف الاسلامية الصورة الرمزية ابو ضاري


    تاريخ التسجيل
    03 2007
    الدولة
    الجبي
    العمر
    45
    المشاركات
    15,733
    المشاركات
    15,733
    Blog Entries
    1


    كهشيم المحتظر معجزة علمية



    قال تعالى: (إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَكَانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ{31}) (القمر/31).
    قال الشيخ حسنين مخلوف رحمه الله في كلمات القرآن تفسير وبيان: الهشيم كاليابس المفتت من شجر الحظيرة. والمحتظر: صانع الحظيرة (الزريبة) لمواشيه من هذا الشجر. وقال الراغب الأصفهاني في مفردات ألفاظ القرآن: الهشيم: كسر الشيء الرخو كالنبات. قال تعالى: (فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ ) (الكهف/45).
    (فَكَانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ{31}) (القمر/31). يقال: هشم عظمه/ ومنه: هشمت الخبز. قال الشاعر يمدح هاشم بن عبدمناف: عمرو العلا هشم الثريد لقومه ... ورجال مكة مسنتون عجاف وجاء في معجم النبات من قاموس القرآن الكريم – مؤسسة الكويت للتقدم العلمي (ص/110) عن قوله تعالى : (أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَكَانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ{31}) (القمر/31)، يذكر سبحانه كيف صار أمر ثمود قوم صالح عليه السلام بعد أن نزلت بهم الصيحة (فَكَانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ).
    المحتظر: صانع الحظيرة المتخذة من الشجر والشوك لحفظ الغنم والإبل والدواب وحمايتها. قال ابن عباس: فما سقط من ذلك وداسته الغنم فهو الهشيم في الكشاف (47،7) وما يحتظر به ييبس بطول الزمان وتتوطؤه البهائم فيتحطم ويتهشم.
    وقال ابن زيد: العرب تسمي كل شيء رطبا فييبس هشيما، وروي عن ابن عباس أيضا: أنهم كانوا مثل القمح الذي ديس وهشم، فالمحتظر على هذا: الذي يتخذ حظيرة على زرعه، والهشيم: فتات السنبلة والتبن، ومما فسر (هَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ) انه العظام المحترقة، قال الطبري (27/61): كأنهم وجهوا عناه إلى انه مثل هؤلاء القوم بعد هلاكهم بالشيء الذي أحرقه محرق في حظيرة، وقال سعيد بن جبير (هَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ) هو التراب المتناثر من الحائط، ووصف ابن كثير هذا القول أنه غريب، انتهى.
    وقال الأستاذ الدكتور دسوقي عبد الحليم في مقاله عن هشيم سورة الكهف ان الهشيم هو ما تحلل بفعل الكائنات الحية الدقيقة وكان تفسيره خاصا بقوله تعالى في سورة (الكهف): (فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ).
    وأنا أقول في قوله تعالى: (كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ): من التفاسير السابقة أفهم كما قال ابن عباس رضي الله عنه أنه ما سقط من النباتات في أرض الحظيرة وداسته الحيوانات. ونحن نرى هذه الحقيقة العلمية ماثلة أمام أعيننا عندما يكنس ويقطع الفلاح من أرض الحظيرة أو الزريبة هذه الطبقة المكونة من تراب الأرض، وروث الحيوانات وبولها والنباتات الخضراء والجافة والدريس (البرسيم المجفف) والسيلاج (الذرة المعالجة لاهوائيا) نراه يقطع تلك الطبقة كل مدة ويخرجها في كومة الدمس (ما خرج من الحظائر) لكي يستخدمها بعد مدة في التسميد العضوي للتربة.
    وعندما تسقط بقايا النبات أسفل أرجل الحيوان، ويتبول عليها ويتبرز عليها تقوم الكائنات الحية الدقيقة من بكتيريا وفطريات وبعض الحشرات والديدان بتحليل بقايا النبات المتساقط من صورته المعقدة التركيب التي يغلب عليها مواد السليلوز (سكريات معقدة) والهيميسليلوز، والبكتين، والسكروز إلى صورة بسيطة: سكريات بسيطة، وتقوم البكتيريا والفطريات بتحرير الكربون لإدخاله في دورة الكربون، والنيتروجين لإدخاله في دورة النيتروجين، والفسفور لإدخاله في دورة الفسفور، وتختفي تماما بقايا النباتات وتتفحم كما يتفحم العظم والنبات بالحرق ليدخل الكربون في دورة الكربون.
    انه مثل علمي معجز يبين حال قوم صالح عليه السلام الذين جاءهم بالناقة المعجزة فعقروها فحولهم الله سبحانه وتعالى بصيحة واحدة كالهشيم المفتت والمحترق والمتحلل والمتفحم، إنها صورة قرآنية عجيبة ومعجزة تبين الحال التي تحولوا إليها كأنهم فتات قد اختلط بالتراب والروث والبول وفعلت فيه الكائنات الحية المحللة فعلها فحللته وأخفت معالمه تماما ودخل في دورات الحياة ليصبح سمادا عضويا للنابتات وعناصر ومركبات وذرات بريئة من روحهم الخبيثة وفعلهم الخبيث لتعيد دورات للحياة جديدة ومفيدة.
    وقد بينا في موضوعينا (وما تحت الثرى) ومجاميع البيئة الفطرية أن التراب المندى (الثرى) والتربة الزراعية، وأرض الحظائر تحتوى على العديد من الكائنات الحية، فالتربة كما قال مارتن الكسندر في كتابه مقدمة في ميكروبيولوجيا التربة، واحدة من أكثر الأماكن في الطبيعة ديناميكية في العلاقات المتبادلة بين الكائنات الحية، كما أنها المنطقة التي يتم فيها الكثير من العمليات الفيزيائية والكيماوية والحيوية المتعلقة بتحليل المواد العضوية، وتجوية الصخور وتفتيتها وتغذية المحاصيل الزراعية)، انتهى.
    وأرض الحظيرة غنية بتلك الكائنات خاصة في وجود نيتروجين بول الحيوان وبقايا الطعام الخارج من روثه وبرازه، والمواد الكربوهيدراتية الناتجة من النبات وبدراسة الفطريات التي تظهر على الروث وجد أن هناك تتابعا منظما لظهور هذه الفطريات على الروث، ففي البداية تنمو على الروث الفطريات التابعة لرتبة الميوكورات (Order: Mucorales) ومنها عفن الخبز وفطر الميوكر وهي من الفطريات التزاوجية (zygomycota) يتبعها بعد ذلك على الروث الفطريات الزقية (Ascomycota) وأخيرا تظهر الفطريات البازيدية (Basidiomycota).
    ففي البداية يحتوي الروث على السكريات العديدة كالسليلوز (Cellulose) ونصف السليلوز (Hemicellulose)، والنيتروجين وهذا ينشط وجود أفراد الميوكورات من الفطريات التزاوجية ثم بعد ذلك يسود السليلوز وهذا يؤدي إلى ظهور الفطريات الزقية وفي النهاية يتبقى اللجنين وهذا يؤدي إلى نمو الفطريات البازيدية.
    إنه عالم عجيب ومعجز يتبادل ويعمل بقوة وهمة في أرض الحظيرة لتحويل مكوناتها النباتية إلى هشيم مختلط بالتراب وبقايا الحيوان وفي الوقت نفسه تقوم البكتيريا والحشرات والديدان بفعل مماثل لتحطيم النبات في الحظيرة ليخرجه المحتظر محللا مهشما مفتتا تفتت الخبز في الثريد، فيا لها من صورة علمية قرآنية رائعة لخصتها الآية القرآنية في قوله تعالى: (فَكَانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ)!.










صفحة 4 من 15 الأولىالأولى 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 ... الأخيرةالأخيرة

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 3 (0 من الأعضاء و 3 زائر)

     

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
جميع ما يطرح بالمضايف يعبر عن وجهة نظر صاحبه وعلى مسؤوليته ولا يعبر بالضرورة عن رأي رسمي لإدارة شبكة شمر أو مضايفها
تحذير : استنادا لنظام مكافحة الجرائم المعلوماتية بالمملكة العربية السعودية, يجرم كل من يحاول العبث بأي طريقة كانت في هذا الموقع أو محتوياته